السلف لا يطلقون على هذه الصفات شيئاً من الألقاب التي يرددها النفاة مثل العضو، والجزء، والبعض، وغير ذلك من الألقاب التي يطلقونها ليتذرعوا بها إلى نفي هذه الصفة، بدعوى أن إثبات هذه الصفة يعني التركيب المستلزم للحاجة والافتقار، فهم يقولون: لو أنكم أثبتم الوجه فلا بد أن تقولوا: إنه بعض من كل؛ لأن الوجه جزء من الجسم ومن البدن، فإذا أثبتنا لله عز وجل وجهاً فلابد وأنه جزء من ذاته، قالوا: كما أن إثبات اليد يستلزم أن تكون جزءاً من ذاته، وكذلك العين والساق، فهو إذاً: ذات مكونة من أبعاض وأجزاء وأجسام، وهذا كلام في غاية الإجرام في حق الله عز وجل.
والمخلوق مكون من أجزاء وأجسام وأبعاض، ولو سئلت: هل تقيس الخالق بالمخلوق؟ فلا بد وأنك ستقول: لا، فالذات تختلف عن الذات.
أي: ذات الخالق تختلف عن ذات المخلوق.
وإذا كان هذا النافي أو المشبه يقول بهذا، فنقول له: اختلاف الذات عن الذات يستلزم اختلاف الصفات، وهذا يعني: أن نثبت الصفات، ولكن على الوجه اللائق بتلك الذات، فلما كانت الذات كاملة علية جليلة، فلابد وأن تكون الصفات كذلك، فنثبت لله تبارك وتعالى الوجه.
وهم يقولون: الوجه هو الذات.
فإذا سئلوا: لماذا تقولون إن الوجه هو الذات؟ لقالوا: اعتماداً على قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص:88].
ونحن نثبت لله تبارك وتعالى الساق والوجه واليد والعين والنفس، وكل ما أثبته الله تعالى لنفسه، ولو قلنا بإثبات الوجه الحقيقي لله عز وجل لقال النفاة: يلزم من إثباتكم الوجه لله عز وجل: أن ذات الإله هالكة مع من يهلك، ولا ينج إلا وجهه، ويستشهدون بظاهر الآية: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص:88].