القاعدة الثانية: إثبات الصفات على مراد الله عز وجل وعلى مراد رسوله صلى الله عليه وسلم، ووجوب الإيمان بذلك.
وهذه القاعدة احتراز من التعطيل الذي هو نفي الصفات، كما أنها احتراز من التأويل بغير دليل الذي سماه العلماء: (تحريفاً) فبعد أن أثبت الله تبارك وتعالى أنه ليس كمثله شيء بقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:11] فنفى المثلية والمشابهة بينه وبين جميع الأشياء، وما دون الله تبارك وتعالى مخلوق والمخلوق شيء، فليس هناك شيء في مخلوقات الله تعالى يماثل ويشابه المولى تبارك وتعالى، ثم أثبت في نفس الآية الصفات فقال: {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:11] سميع بسمع، بصير ببصر.
فبعد أن نفى المماثلة أثبت ما يمكن أن يوهم التشبيه: فلان سميع والله سميع، فلان بصير والله بصير، فقد يفهم الشخص من هذا التشبيه في السمع والبصر بين الخالق والمخلوق، وليس الأمر كذلك، فقد أثبت المولى تبارك وتعالى أنه ليس كمثله شيء، وأثبت لنفسه سبحانه الصفات اللائقة، كما في قوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:11]، وفي قوله: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر:10]؛ لأن من صفات الله تبارك وتعالى العلو.
وقوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5] بمعنى: علا وارتفع.
وقوله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء:164] فمن صفات المولى تبارك وتعالى أنه يتكلم.
وقوله تعالى: {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} [الحديد:3].
وقوله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة:64].
وقوله تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا} [المجادلة:1].
وقوله تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} [الرحمن:27].
وحديث النبي عليه الصلاة والسلام: (ينزل ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا إذا بقي الثلث الأخير من الليل)، فالنزول والمجيء صفتان لله تبارك وتعالى، والغضب والرضا والعجب كلها صفات للمولى تبارك وتعالى.
وحديث النبي عليه الصلاة والسلام: (لله أشد فرحاً بتوبة عبده المؤمن من أحدكم براحلته) إلى آخر الحديث.
وقول النبي عليه الصلاة والسلام: (إنكم سترون ربكم عز وجل يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر) ورؤية المولى تبارك وتعالى جائزة وممكنة، بل حادثة يوم القيامة، بمعنى: حاصلة.
هذه القاعدة الثانية.