قال محمد بن منصور: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، ومعه رجلان أعرفهما بوجهيهما، قلت: يا رسول الله! ما نقول في القرآن؟ قال: كلام الله غير مخلوق، قلت: هذه رؤيا جميلة، فقلت للرجلين: اشهدا على هذا الكلام.
وقال يحيى بن عبادة: سمعت رجلاً من أهل دمشق ممن يكتب عنه العلم يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في منامي، وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)، فقال لي: قل لـ يحيى بن أكثم: من قال: القرآن مخلوق فقد كفر، وقد بانت منه امرأته.
ثم قال الرجل: والله ما رأيت يحيى وما أعرفه، أتروني أكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! وذكره عبد الرحمن قال: حدثني يوسف إلى أحمد بن الوليد قال: حدثني علي العابد قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام بعبادان -قرية- فقلت: يا رسول الله! أما ترى ما نحن فيه من الاختلاف في القرآن، هذا يكفر هذا وهذا يكفر هذا؟ فقال النبي عليه الصلاة والسلام: وما ذنبي وقد رفعت لكم علماً، فضم إليه قوم وانقطع عنه آخرون.
فقلت: يا رسول الله! فكيف السنة وكيف أقول؟ قال: هكذا، وعقد ثلاثين وأومأ إلى فيه، كأنه أراد أن يقول: إن القرآن ثلاثون جزءاً، وقال: كلام الله وليس بمخلوق.
فقلت: يا رسول الله! هؤلاء الذين وقفوا فقالوا: لا نقول كذا ولا كذا؟ قال: فكلح وجهه وقال بيده كهيئة المستخف.
يعني: أشار بيده أن ابعد عني ولا تخبرني عن هؤلاء.
وقال محمد بن عبد الله بن طاهر: كان أبي لا يكاد يرى رؤيا فقال: رأيت في النوم رجلاً حسن الهيئة فقال لي: ما تقول في القرآن؟ فقلت: لأسألنه عنه، فقلت: ما تقول أنت فيه؟ قال: فقال: الخلق في كلام العرب: التقدير، وكلام الله أجل من أن يكون مقدراً.
يعني: كلام الله غير مخلوق وغير مقدر، فهو يتكلم بما شاء، في أي وقت شاء.
قال ابن الأعرابي: ما رأيت قوماً أكذب على اللغة من قوم يزعمون أن القرآن مخلوق.
يعني: هب أنهم يكذبون على الله وعلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن قول: القرآن مخلوق لا يستقيم في لغة العرب.
وقال أحمد بن محمد المروزي صاحب الإمام أحمد: رأيت أحمد بن حنبل في النوم وعليه حلتان -والجزاء من جنس العمل- خضراوان، وفي رجليه نعلان شراكهما من الرمجان، وعلى رأسه تاج مكلل بأنواع الجواهر، فقلت: يا أبا عبد الله! ما الذي فعل الله بك؟ قال: غفر لي وتوجني وكساني، وقال لي: يا أبا عبد الله! إنما أعطيتك هذا لمقالتك: القرآن كلام الله غير مخلوق.
فانظر إلى هذه الرؤيا العظيمة، فإنها مبشرات قليلة ونادرة.