إن صفات المخلوقين تختلف عن صفات الخالق تبارك وتعالى، فلو أنك موصوف بالحلم والناس يعرفون عنك ذلك، فجاء شخص وأنكر أنك حليم، فإنك ستفقد هذا الحلم وتغضب؛ لأنه نفى عنك صفة لازمة لك جبلك الله عز وجل عليها، إذ إن الصفات إما جبلية، وإما مكتسبة.
فالمرء إما أن يولد بصفات جبله الله عز وجل عليها وخلقه عليها، وإما أن يكتسب هذه الصفات بالتعلم، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم).
وقيل: إن الحسن البصري رحمه الله ذهب إلى السوق ليشتري عبداً سيئ الخلق، فقيل: ولم؟ قال: حتى أتعلم فيه الحلم.
يعني: يسيء إلي وأحسن إليه إلى أن يكون الحلم سجيتي.
وقال النبي عليه الصلاة والسلام لأحد أصحابه: (إن فيك خصلتين يحبهما الله).
وفي رواية: أنه قال: (إن فيك لخصلتين من خصال الله عز وجل)، ومن صفات الله عز وجل: الحلم والأناة.
قال: يا رسول الله! أجبلني الله عز وجل عليهما، أم أنهما مكتسبتان -كما في معنى الرواية- قال: بل جبلك الله عليهما، يعني: خلق فيك هاتين الخصلتين، فالصفات إما جبلية، وإما مكتسبة.
والشاهد من هذا الكلام: أنه لو أتى واحد وأنكر عليك صفة ونفاها عنك وأنت متصف بها على الحقيقة مجبول عليها، فإنك تغضب غضباً شديداً جداً؛ لأنه قد نفى عنك الصفة، فما بالكم بمن ينفي الصفات اللازمة لله عز وجل، وله المثل الأعلى؟!