قال: [قال أبو بكر بن حماد: سمعت خلف بن هشام فيمن قال: الاسم غير المسمى، وهو ينكر أشد النكارة، ثم قال: لو أن رجلاً شتم رجلاً على قول من قال هذه المقالة -أي: على قول المعتزلة- فقال للرجل بعد أن شتمه: أنا لم أشتمك، وإنما شتمت الاسم]، والاسم غير المسمى، فإنه سيغضب غضباً شديداً.
وإن كان الرجل معتزلياً وقلت له: إذا كنت تقول: إن لله عز وجل أسماء، وهذه الأسماء غير المسمى، وهذه مسألة مجمع على خلافها عند أهل السنة والجماعة، وإجماع أهل السنة والجماعة في المخلوقين أن الأسماء غير المسميات، بل قد يكون اسمك محموداً وليس عندك شيء من الحمد، ويكون اسمك عابداً وأنت ضال، ويكون اسمك صالحاً وأنت طالح، فالاسم غير المسمى في المخلوقين، ومع هذا لو قلت لعابد: يا عاصي! فإنه سيغضب، مع أنه قد يكون من المسابقين في الفروض والسنن والمستحبات، وواقع في كل إثم وذنب ومعصية، فلو ناديته بغير اسمه الذي يعرفه فإنه سيغضب.
ثم قال: [ولو أن رجلاً حلف بالله على مال رجل لم يلزمه في كلامه حنث]، أي: لم يلزمه على كلام المعتزلي حنث؛ لأن الحلف عندهم بأسماء الله شرك، وأسماء الله مخلوقة، ولا يلزمه إلا التوبة؛ لأنه وقع في الشرك لا في الحنث، فانظر إلى هذه الثوابت عندنا وقد زعزعها المعتزلة! فإن قيل لهم: ماذا تقولون في كلام النبي عليه الصلاة والسلام: (من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت)؟ فهنا أخذ المعتزلة هذه النصوص وأمثالها فأولوها، وقالوا: تأويلها: احلفوا بالذات التي اسمها الله! فإن قيل لهم: إذا أراد المرء أن يحلف فبماذا يحلف؟ إن حلف وقال: والله العظيم لم أفعل كذا؛ فإنه مشرك عند المعتزلي؛ لأنه حلف بالمخلوق، وهذا المخلوق هو الاسم وليس المسمى، والاسم غير المسمى، والأسماء مخلوقة، فلو قلت: والله، فإنما تدعو المخلوق دون الخالق، والخالق اسم أيضاً، فلن يقول: دون الخالق، بل سيقول: دون الذات؛ لأن الخالق اسم، فما الفرق بين الله وبين الخالق؟! وما الفرق بين الله وبين الرحمن؟ {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ} [الإسراء:110]، فكلها أسماء لله تبارك وتعالى، وهو الذي قال: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف:180]، والضمير هنا يعود على الأسماء لا على المسمى نفسه؛ لأن الاسم يدل على ذات المسمى، بل الاسم هو المسمى، ولذلك قالوا: يحلف العبد بالذات التي اسمها الله.
لكن لو أن شخصاً حلف بهذه الصيغة عند القاضي لأنكر عليه أشد الإنكار، ولقال له: أتضحك علينا أم ماذا؟ بل إن الذين انتكست فطرهم لا يتفقون مع المعتزلة في ذلك.
قال: [ولو أن رجلاً حلف بالله على مال رجل لم يلزمه في كلامه حنث على قول من قال هذه المقالة، ويقول: إنما حلفت بالاسم فلم أحلف بالمسمى].
ويدور أمر الإسلام على هذا الاسم، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله)، ولم يقل عليه الصلاة والسلام: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: نشهد أن الذات التي من أسمائها الله هي الإله؛ لأن الله هو ذات الإله وذات المسمى تبارك وتعالى.
قال: [أرأيت الوضوء حين يبدأ فيه الإنسان يقول: باسم الله، فإذا فرغ قال: سبحانك اللهم؟ ورأيت الأذان أوله: الله أكبر، ولا يزال يردد أشهد أن لا إله إلا الله؟ ثم رأيت الصلاة حين يفتتح بقوله: الله أكبر؛ لا يزال في ذلك حتى يختم بقوله: السلام عليكم ورحمة الله.
ولم يقل: ورحمة الذات التي من أسمائها الله، فأولها وآخرها الله].
أي: أن أول الصلاة: الله أكبر، وآخر الصلاة: السلام عليكم ورحمة الله، فأول الصلاة الله وآخر الصلاة الله؛ لأن هذا الاسم هو ذات المسمى، فهل يتصور أنك تصلي لغير الله؟! وإذا كنت تقول: الله أكبر، فهل يعقل أن تقول: إن كلمة (أكبر) صفة للاسم دون المسمى؟ وإذا قلت: الله أكبر، فأنت قد كبرت الاسم دون المسمى؟ وبالتالي صليت لغير المسمى، وعبدت غير المسمى، وأطعت غير المسمى، وهذا الكلام كله خبل.
قال: [ورأيت الذبيحة باسم الله]، أي: إذا أردت أن تذبح الذبيحة فتقول: باسم الله.
قال: [أمر الإسلام يدور على هذا الاسم، فمن زعم أن أسماء الله مخلوقة فهو كافر، وكفره عندي أوضح من هذه الشمس].