الفطرة تدل على الله سبحانه وتعالى، فقد جاء في حديث النبي عليه الصلاة والسلام: (ما من مولود إلا يولد على الفطرة).
يعني: على التوحيد والإسلام، كما ورد في إحدى الروايات، (ما من مولود إلا يولد على فطرة الإسلام).
يعني: على توحيد الله عز وجل.
والناس الذين لم تنحرف فطرهم يؤمنون بوجود الله، حتى البهائم العجم تؤمن بوجود الله عز وجل، وجاء في قصة سليمان عليه السلام: (أنه خرج يستسقي فوجد نملة مستلقية على ظهرها رافعة قوائمها نحو السماء تقول: اللهم إنا خلق من خلقك فلا تمنع عنا سقياك، فقال سليمان: ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم).
فالحشرات والحيوانات والبهائم والطيور ومنها الغراب والهدهد عرفوا الله عز وجل ووحدوه حق توحيده الذي يجب له وينبغي.
إذاً الفطر مجبولة على معرفة الله عز وجل وتوحيده، وقد أشار الله تعالى إلى ذلك في قوله: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الأعراف:172].
فلما خلق الله تعالى آدم أخرج من صلبه كل نسمة تكون إلى يوم القيمة مثل الذر، {وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ} [الأعراف:172]، ثم أخذ عليهم العهد والميثاق {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} [الأعراف:172]، أي: ألست الخالق لكم، المدبر لجميع أمركم؟ {قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} [الأعراف:172].
فلا تأتوا يوم القيامة وقت الامتحان والاختبار تقولون: كنا يا رب! من الغافلين.
فإن الله عز وجل جبلكم وفطركم وخلقكم على توحيده وعبادته، فلا تنحرفوا عن ذلك وتقولوا غفلنا.
{أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ} [الأعراف:173].
يعني: ليس لنا ذنب، ونحن سمعنا ووجدنا آباءنا مشركين فأشركنا.
وهذا لا ينبغي أن يكون جواباً يوم القيامة.
فهذه الآية تدل على أن الإنسان مجبول بفطرته على شهادته بوجود الله وربوبيته، وسواء استخرجهم الله من ظهر آدم واستشهدهم، أو إن هذا هو ما ركب الله تعالى في فطرهم من الإقرار به؛ فإن الآية تدل على أن الإنسان يعرف ربه بفطرته.
وأما دلالة الشرع فهو ما جاءت به الرسل من شرائع الله تعالى المتضمنة لجميع ما يُصلح الخلق، وهذا يدل على أن الذي أرسلهم بها رب حكيم رحيم عليم خبير، ولاسيما هذا القرآن المجيد الذي أعجز البشر والجن أن يأتوا بمثله.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله تبارك وتعالى لي ولكم.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.