طعن المبتدعة في منهج أهل السنة والجماعة وأدلتهم

قال: [ثم ما قذفوا به المسلمين من التقليد والحشو] المعتزلة سموا أدلتنا حشواً وتقليداً، وسموا أهل السنة بالحشوية والمقلدة، وعليه فعندما تحتج بآية أو حديث فأنت قد أتيت بكلام ليس له أي داع، وإنما تحشو فقط، وتجمع الكلام الذي لا قيمة له ولا فائدة ولا طائل من ورائه، ومهما قلت: قال الله قال رسوله، فأنت تحشو الكلام حشواً دون فائدة؛ لأن الفائدة كل الفائدة عندهم -أي: المعتزلة- في الاتباع لأدلتهم.

قال: [ولو كشف لهم -أي: السني- عن حقيقة مذاهبهم، كانت أصولهم المظلمة، وآراؤهم المحدثة، وأقاويلهم المنكرة، كانت بالتقليد أليق، وبما انتحلوها من الحشو أخلق، إذ لا إسناد له في تمذهبه إلى شرع سابق، ولا استناد لما يزعمه إلى قول سلف الأمة باتفاق موافق أو مخالف، إذ فخره على مخالفيه بحذقه، واستخراج مذاهبه بعقله وفكره من الدقائق، وأنه لم يسبقه إلى بدعته إلا منافق مارق، أو معاند للشريعة مشاقق؛ فليس بحقيق من هذه أصوله أن يعيب على من تقلد كتاب الله وسنة رسوله واقتدى بهما، وأذعن لهما، واستسلم لأحكامهما، ولم يعترض عليهما بظن أو تخرص واستحالة أن يطعن عليه؛ لأن بإجماع المسلمين أنه على طريق الحق أقوم، وإلى سبل الرشاد أهدى وأعلم، وبنور الاتباع أسعد، ومن ظلمة الابتداع وتكلف الاختراع أبعد، وأسلم من الذي لا يمكنه التمسك بكتاب الله إلا متأولاً، ولا الاعتصام بسنة رسوله إلا منكراً أو متعجباً، ولا الانتساب إلى الصحابة والتابعين والسلف الصالحين إلا متمسخراً مستهزئاً] فهذا هو الفرق بيننا وبين أهل البدع.

قال: [لا شيء عنده إلا مضغ الباطل، والتكذب على الله ورسوله والصالحين من عباده].

ولذلك لما سئل أيوب بن أبي تميمة السختياني عن أن ينظر في شيء من الرأي -والرأي ظلمة والحديث نهار- قال: لا أنظر فيه قط؟ قيل: ولم؟ قال: لأنني أكره أن أجتر كالحمار.

أي: أكره أن أكون كالحمير، فأتشدق بكلام لا قيمة له.

وفي رواية أخرى قال: لأنني أكره مضغ الباطل؛ لأن الرأي بخلاف الدليل، فالدليل نص والرأي رأي.

قال: [وإنما دينه -أي: صاحب البدعة- الضجاج والنفاق، والصياح واللقلاق، قد نبذ قناع الحياء وراءه].

أي: يخلع قناع الأدب والحياء، ولذلك لا تجد واحداً من أهل البدع يناقش أهل السنة في كل زمن وفي كل مكان إلا ويجهل عليهم، ويسب ويشتم ويصيح ويجادل ويخاصم ويضجر، ويقول كلاماً يحرم قوله؛ لأن هذا من مبادئهم.

أما أهل السنة فإن مبدأهم: قال الله وقال رسوله.

هذه الكلمة عندما يسمعها المبتدع يتمنى أن تذبحه بسكين ولا تقول له: قال الله وقال رسوله.

لأنه بعيد جداً عن هذا المنهج.

لذا ما إن يسمع قال الله حتى يأتي بالغث وبالسمين، ولا يوجد عنده سمين حتى يأتي به، بل يأتي بكل الغث والنفاق والصياح وقلة الأدب.

وهؤلاء المبتدعة لهم منهج في النقاش والجدل الذي لا ينتبه له يخذل دين الله عز وجل، ولذلك أهل البدع يحب أن يناقش في الظلام، وهذه أيضاً علامة من علاماتهم، فلا يحب أن يناقش على ملأ أبداً، فتقول له: أتريد مناقشتي؟ فيقول: نعم، وذلك في مكان لا يرانا فيه أحد، فتقول الذي عندك وأقول الذي عندي، فيحب أن يعرف ما الذي عندك حتى يرد عليك بعد ذلك، وحتى يرتب أموره ويخرج البلاء المتراكم الذي في قلبه وفي عقله، ويسجلها على أشرطة، وبعد ذلك يرد بها عليك، أو يأخذ حجتك من غير سماع أهل الحق لها، ثم يبطلها ويأتي بأدلته العقلية والنقلية الملوية ويلفقها وينمقها، ثم يدفع بها، ولذلك فإنه يحب أن يبدأ هو بالكلام وبعد ذلك لا يسمح لك بالكلام، فيظل يتكلم لمدة ساعتين حتى يمل المستمعون، ولا تبقى معه ذاكرة تستوعب كلام أهل الحق، وفي الأخير يختم كلامه فيقول: بعد الذي سمعته مني أتريد الكلام يا أخي؟ اذهب الله يسهل لك.

فيقوم من ذلك المجلس ويمشي، فيكون المهزوم في هذه الجولة السني، لذا على السني أن يكون ذكياً، فيحدد وقتاً للسؤال والجواب، ومثال ذلك: مناظرات رجل اسمه أحمد ديدات، فقد كان المناظر نفسه يقطع الإجابة من النصف؛ لأن الوقت قد انتهى، ثم يحول الدفة إلى الثاني، أما أنك تترك الشخص يتكلم بالساعتين والثلاث ويخرج كل أصوله ويحشد بها القلوب والأذهان والأسماع، ثم في الأخير يضحك عليك ويتركك ويمشي، ويكون المستمع بعد ذلك ليس عنده أدنى استعداد أن يسمع.

بذلك يكون قد غلبك!!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015