سفيان بن عيينة الإمام الكبير، مولده كوفي، لكنه تحول بعد ذلك واستقر في مكة، وهو وسفيان الثوري فرسي رهان، وعليهما مدار السنة، وهما من شيوخ الإسلام والأئمة العظام، فإذا كان في إسناد أحد السفيانين والإسناد إليه ثقة أو ثقات فدونك هو.
قال: [قال بكر بن الفرج أبو العلاء: سمعت سفيان بن عيينة يقول: السنة عشر مراتب فمن كن فيه فقد استكمل السنة، ومن ترك شيئاً منها فقد ترك السنة: إثبات القدر].
وأنتم تعلمون أن فرقة بأسرها خرجت عن حد الاعتدال والسنة بسبب قولها في القدر، فأنكرت القدر، وأنكرت علم الله تبارك وتعالى، وأنكرت الكتابة.
قال: [وتقديم أبي بكر وعمر].
أي: على سائر الأمة بمن فيهم عثمان وعلي رضي الله عنهما، بينما الشيعة قدموا علياً على أبي بكر وعمر، وقالوا: بأنه أولى بالخلافة منهما، ولذلك فالشيعة ليسوا من أهل السنة، فمنهم من هو من أهل القبلة، ومنهم من هو خارج لا له في القبلة ولا في غيرها.
وقد قلنا في الدرس الماضي: إن الخلاف وقع بين بعض علماء السنة في التفاضل بين عثمان وعلي.
وأقول: في التفاضل لا في الخلافة؛ لأن أهل السنة قاطبة مجمعون على أن الخلافة على الترتيب المعهود لدينا: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، لكن وقع التفاضل بين الإمامين عثمان وعلي، فمنهم من قال: علي أفضل من عثمان، وجمهور أهل السنة: على أن عثمان أفضل من علي، كما استقر رأي جمهور أهل السنة على أن المفاضلة بين الأئمة الأربعة هي على نفس ترتيب الخلافة.
قال: [والحوض]، وللنبي عليه الصلاة والسلام حوضاً طوله كعرضه، ومسيرته مسيرة شهر، وكأن ابن عيينة رحمه الله تعالى أراد أن يؤكد على مسائل الغيب.
ثم قال: [والشفاعة].
أي الشفاعة بجميع أنواعها؛ لأن الله تبارك وتعالى يأمر بإخراج من كان في قلبه مثقال ذرة من خير من النار.
وقيل: من إيمان.
فيأمر الله تبارك وتعالى بهم أن يخرجوا من النار بعد أن امتحشوا فيها.
أي: بعد أن حرقوا فيها بالنار فصاروا حمماً وفحماً، فيؤمر بهم فيلقون في نهر الحياة على باب الجنة، فينبتون في هذا النهر كما تنبت الحبة في حميل السيل، وذلك كما إذا ألقى شخص حبة في ذلك الزبد الذي يطوف على سطح الماء، لكن بجوار الشط، فإنها تنبت صفراء ملتوية، وهؤلاء من أهل المعاصي، أما الكافر فإنه مخلد في النار أبد الآبدين، ولا يخرج منها قط، والنار لا تفنى ولا تبيد.
وهناك شفاعات أخرى غير شفاعة النبي عليه الصلاة والسلام، ومنها: شفاعة أهل الإيمان، وشفاعة الملائكة، وشفاعة الولدان الذين لم يبلغوا الحلم ولم يجر عليهم القلم، وغير ذلك من أنواع الشفاعات، فـ سفيان بن عيينة جعل الإيمان بإثبات الشفاعة، وأنها حاصلة يوم القيامة، وهي من علامات استقامتك على السنة.
قال: [والميزان، والصراط، وأن الإيمان قول وعمل، والقرآن كلام الله، وعذاب القبر، والبعث يوم القيامة، ولا تقطعوا بالشهادة لأحد من المسلمين].