الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه.
وبعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
لا زال الكلام عن معجزاته عليه الصلاة والسلام وشمائله ومناقبه موصولاً.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [قال أبو العالية: حدثني ابن عم نبيكم -وهو ابن عباس رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رأيت ليلة أسري بي موسى آدم طوالاً جعداً)] هنا يذكر أوصاف موسى عليه السلام، وكانت هذه الرؤية رؤية حقيقة، وهي رؤية في اليقظة، فأحد أوصاف موسى أنه كان طويلاً، وقوله: (آدم) يعني: فيه شيء من السمرة.
[(كأنه من رجال شنوءة، ورأيت عيسى رجلاً مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض -يعني: يميل إلى البياض المشرب بحمرة- سبط الرأس، ورأيت مالكاً خازن النار، ورأيت الدجال، في آيات أراهن الله عز وجل إياه، فلا تكن في مرية من لقائه -أي: أنه لقي موسى ليلة أسري به- {وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ} [الإسراء:2])]، أي: جعلنا موسى هدى لبني إسرائيل، وهذا الحديث عند البخاري ومسلم.
[وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني رأيت موسى وعيسى وإبراهيم -أي: ليلة أسري به رأى موسى وعيسى وإبراهيم عليهم السلام- فأما عيسى فأحمر جعد -والجعد بخلاف السبط- عريض البدن، وأما موسى فآدم جسيم سبط كأنه من رجال أزد شنوءة، وأما إبراهيم فإذا أردتم أن تعرفوا شبهه ومثله فانظروا إلى صاحبكم، يعني: نفسه عليه الصلاة والسلام)].
فكان عليه الصلاة والسلام أشبه الناس بإبراهيم عليه السلام، والحديث أخرجه البخاري.