نحن نسمع كثيراً من الشباب يقول: أين الحق؟ نحن لا ندري من نتبع، ولا نعرف الحق أين هو.
فنقول: هذا لتفريطك أنت وتقصيرك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك).
انظروا إلى هذا الحديث العظيم جداً.
قال النبي عليه الصلاة والسلام فيه: (لا تزال) فاللفظ مضارع يفيد الاستمرار في الحاضر والمستقبل؛ ولذلك من أعظم سمات أهل السنة والجماعة أنها أصيلة وحاضرة ومستمرة.
أي: أنهم أصحاب جذور أصيلة، وفي كل واقع هم السواد الأعظم، كما أن الله قد ضمن لهم البقاء إلى قيام الساعة.
وجماعة أهل السنة جماعة صاحبة أصول ثابتة، وكم جماعات لم تدم إلا سنوات، فقد تسأل عن جماعة: متى أنشئت؟ فيقال لك: قبل عشرين سنة أو ثلاثين سنة، ثم ما تلبث هذه الجماعة حتى تنتهي، وهذا يدل على أنها كانت خاوية وخربة، ولا قيمة لمنهجها؛ لأن قيمة المنهج أن يبدأ قبل الهجرة النبوية، فهذا منهج جذوره ثابتة نزلت من السماء، لم تكن هذه الجذور استنتاجاً عقلياً لواحد من أصحاب القرن الماضي.
إذاً: منهج أهل السنة والجماعة هو المنهج الأصيل الذي أرسى قواعده النبي صلى الله عليه وسلم، وأي منهج بعده لا عبرة له ولا قيمة.
إن هذا المنهج الرباني في كل عصر وزمن ومصر له رجال، وهو السواد الأعظم، ولابد أن يكون كذلك، ومن قال بغير ذلك فقد اعتقد بغير ما أمره النبي عليه الصلاة والسلام؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتي أمر الله -أي: الساعة- وهم على ذلك).
و (ذلك) اسم إشارة للظهور.
يعني: هم ظاهرون في كل عصر ومصر على نفس النهج الأول الذي أرسى قواعده النبي عليه الصلاة والسلام حتى قيام الساعة.
أعطوني منهجاً من المناهج الموجودة الآن أو قبل الآن ستستمر في الأيام المقبلة، ويشهد لها واحد من أهل السنة والجماعة.
من خلال ذلك نعلم أن كل هذه المناهج هي نتائج عقلية واجتهادات، منها المقبول ومنها المردود، لكن المقبول الذي يجب قبوله ويحرم رده هو المنهج الأول الذي أسسه النبي عليه الصلاة والسلام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يجمع الله هذه الأمة على ضلالة أبداً -فالأمة المقصود بها: الجماعة- فإذا رأيتم اختلافاً فعليكم بالسواد الأعظم).