حديث عبد الله بن عمرو في أمارات الساعة

روى الإمام أحمد بسنده: عن عبد الله بن عمرو.

قيل له: إنك تقول: الساعة تقوم إلى كذا وكذا.

كأنه يريد أن يحدد قيام الساعة؛ ولذلك عبد الله بن عمرو تبرأ من هذا وقال: لقد هممت ألا أحدثكم شيئاً، لأنني ما حدثتكم بهذا فكيف تفترون علي، إنما حدثتكم عن قيام الساعة بعلاماتها وأماراتها.

قال: لقد هممت ألا أحدثكم شيئاً، إنما قلت: سترون بعد قليل أمراً عظيماً، ومهما طال الليل والنهار فإن الساعة قريب.

ثم قال عبد الله بن عمرو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يخرج الدجال في أمته فيمكث فيهم أربعين -لا أدري أربعين يوماً أو عاماً أو شهراً أو ليلة- فيبعث الله عيسى بن مريم، كأنه عروة بن مسعود الثقفي، فيظهر فيهلكه الله عز وجل، ثم يلبث الناس بعده سنين سبعاً ليس بين اثنين عداوة) هذه السنوات السبع بعد هلاك المسيح الدجال يكون الناس على الود والتحاب والإخاء والألفة، ليس بين اثنين عداوة.

قال: (ثم يرسل الله تعالى ريحاً باردة من قبل الشام، فلا يبقى أحد في قلبه مثقال ذرة من إيمان إلا قبضته) هذا الريح الباردة من علامات الساعة الكبرى، وأنها تقبض روح كل عبد مؤمن فقط، (حتى لو أن أحدهم -أي من المؤمنين- كان في كبد جبل لدخلت عليه).

هذه الريح تدخل عليه وإن كان في جبل لتأخذ روحه.

قال: (سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: ويبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع، لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً) يبين علامات القوم الأشرار الذين تقوم عليهم الساعة.

بلا شك أن هذه الريح الشامية إذا جاءت وقبضت روح كل عبد مؤمن لا يبقى إلا شرار الخلق، وعليهم تقوم الساعة كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام.

قال: (فيتمثل لهم الشيطان -أي: لهؤلاء الأشرار- فيقول: ألا تستجيبون؟ -أي: ألا تستجيبون لي إذا أمرتكم؟ - فيأمرهم بالأوثان فيعبدونها، وهم في ذلك دارة أرزاقهم، حسن عيشهم).

ولذلك اغتر شرار الخلق بما هم عليه من شر، يظنون أنهم على شيء وليسوا على شيء، يقولون: علامة ذلك أن الله تعالى وسع علينا في أرزاقنا، ومتعنا في عيشنا، تماماً كما يقول الكفار اليوم، وبعض المسلمين يظن أن السعة في الرزق هي علامة رضا الرب، وليس الأمر كذلك.

قال: (وإذ هم على ذلك إذ ينفخ في الصور) وبينما هم يتنعمون في أرزاقهم ومعاشهم ينفخ إسرافيل في الصور (فلا يسمعه أحد إلا أصغى له) أي: لا يسمع هذه النفخة أحد إلا أصغى لهذا الصوت.

وهذه نفخة الفزع النفخة الأولى.

قال: (فلا يسمعه أحد إلا أصغى له، وأول من يسمعه رجل يلوط حوضه فيصعق).

نفخة الصعق، أول من يسمعه رجل يلوط حوضه.

يعني: يصلح شأن دابته، وهو كذلك إذ تأتيه الصعقة فيموت، ثم لا يبقى أحد إلا صعق؛ ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام في هذه النفخة (يسمعها الرجل وهو يلوط حوضه فلا يلوطه حتى يموت) يعني: يموت قبل أن يلوط الحوض.

قال: (وإن المتبايعين يتبايعان الثوب فيسمعان الصعقة فلا يتمان بيعهما).

يموتان.

(وإن الرجل ليحلب اللقحة فيسمع الصعقة فلا يدرك لقحته) يعني: لا يتم حلب شاة أو حلب ناقة.

قال: (ثم لا يبقى أحد إلا صعق، ثم ينزل الله عز وجل مطراً كأنه الطل أو الظل فتنبت منه أجساد الناس، فهذا قول الله تعالى: {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} [الزمر:68].

ثم يقال: يا أيها الناس! هلموا إلى ربكم) ينادي مناد: أيها الناس! -بعد الصعقة الثالثة- هلموا إلى ربكم، فهذا قول الله تعالى: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} [الصافات:24].

قال: (ثم يقال: أخرجوا بعث النار) إذا اجتمعوا في موقف الحشر والنشر والحساب قال: (فيقال: يا رب! كم بعث النار؟ فيقال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون) يعني: لا ينجو إلا واحد من الألف، و (999) كلهم هلكى في النار.

قال: (فيومئذ تبعث الولدان شيباً) أي: من هول يوم القيامة تبعث الولدان الصغار شيباً.

قال: (ويومئذ يكشف عن ساق).

أي: هذا يوم يكشف الله تعالى للخلائق عن ساقه.

وهذا الحديث أخرجه مسلم.

أما قوله: {وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا} [الزمر:69].

أي: أضاءت يوم القيامة إذا تجلى الحق تبارك وتعالى للخلائق لفصل القضاء، {وَوُضِعَ الْكِتَابُ} [الزمر:69] أي: يوضع الكتاب، كتاب الأعمال {وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ} [الزمر:69] ليشهدوا على الأمم بأنهم بلغوهم رسالات الله تعالى، وجيء بالشهداء كذلك -أي: من الملائكة الحفظة- على أعمال العباد من خير وشر، وقضي بينهم بالحق والعدل، وهم لا يظلمون، كما قال الله تعالى، {

طور بواسطة نورين ميديا © 2015