وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: [(كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الرجل وقف عليه)] أي: وقف على القبر.
وفي هذا إشارة إلى استحباب الجلوس عند القبر، وقد وردت نصوص كثيرة جداً بأن من شيع جنازة جلس عندها قدر ما ينحر جزوراً ويوزع لحمه حتى لا ينصرف الناس بسرعة، وإنما هذا الوقت حق لهذا المقبور على من شيعه؛ أن يقفوا عنده مدة من الزمان تقرب ساعة يدعون له بالتثبيت، كما قال عليه الصلاة والسلام: (ادعوا الله لأخيكم الآن فإنه الآن يسأل).
[(كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا فرغ من دفن الرجل وقف عليه -أي: وقف إليه.
أي: بقبالة قبره- وقال: استغفروا لأخيكم وسلوا الله له التثبيت فإنه الآن يسأل).
فقوله: (استغفروا لأخيكم) يعني: قولوا: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، اللهم تجاوز عنه وغير ذلك مما يفتح الله عز وجل به على الواقف عليه.
قوله: (ثم سلوا الله له التثبيت فإنه الآن يسأل).
أي: بمجرد مواراته وإهالة التراب عليه يبدأ الملكان يسألانه.
نسأل الله السلامة لنا ولكم! أما الموعظة على القبر فإنها أمر مشروع، فقد وعظ النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه على القبر وقال: (لمثل هذا فليعمل) يعني: فليعمل العاملون، من أراد أن يعمل وأن يستعد فلابد أن يستعد لمثل هذا اليوم فإنه لابد وارد، وهو آت إلى هذا المكان، وربما ذهبت تشيع ميتاً فلا ترجع بل تدفن بجواره في مقبرة واحدة، فالموت ليس منك ببعيد؛ سواء كنت شاباً أو هرماً أو عجوزاً أو حتى طفلاً رضيعاً فالموت يلحق الجميع ولا سن له، فليس هناك وعد بأن لا يموت المرء إلا في شيخوخته أو في كبره.