قال: [عن أبي سعيد قال: (تخرج ضبارة من النار حتى كانوا فحماً -يعني: بعد أن كانوا فحماً يخرجون من النار- فيقال: بثوهم في الجنة -أي: أدخلوهم الجنة- وصبوا عليهم من الماء -أي: من نهر الحياة- فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل -أي: فيما يحمله السيل وما يتجمع على سطح الماء، لو أنك ألقيت حبة فيها نبتت- قال: قال رجل من القوم: كأنما كنت من أهل البادية يا رسول الله!)].
أي: رجلاً تفهم كأهل البوادي.
ثم قال عليه الصلاة والسلام: [(إن للنار أهلاً لا يموتون فيها ولا يحيون)] لا يموتون فيها؛ لأنهم يعذبون فيها أبد الآبدين، ولا يحيون فيها يعني: حياة كريمة.
قال: [(فأما ناس يريد الله بهم الرحمة فإن النار تصيبهم، فتدخل عليهم الشفعاء، فتحمل الشفيع للشفعاء منهم الضبار، فيبثهم الله على نهر في الجنة، فينبتون نبات الحبة في حمالة السيل.
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا ترون إلى الشجرة تكون خضراء تكون حمراء؟ فقال بعض الناس: كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بالبادية)].
ثم قال عليه الصلاة والسلام: [(ثم يدخلون الجنة فيمكثون فيها فيسمون الجهنميين، ثم يطلبون إلى الرحمن، فيذهب ذلك الاسم عنهم فيلحقون بأهل الجنة) أي: يسمون عتقاء الرحمن، فالله عز وجل أعتقهم من النار بشفاعته.
[عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا خلص المؤمنون من النار)] أي إذا خرج المؤمنون من النار.
والمعاصي لا تنفي اسم الإيمان؛ وذلك لأن مرتكب الكبيرة مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته ليس كافراً بكبيرته، ولا يحمل فسقه على نفي الإيمان عنه، بل يبقى فيه شعب إيمان كما عنده شعب فسق.
[قال: (إذا خلص المؤمنون من النار حبسوا بقنطرة بين الجنة والنار، حتى إذا نقوا وهذبوا أمر بهم إلى الجنة -نقوا وهذبوا، أي: أدخلوا نهراً على باب الجنة يسمى نهر الحياة- فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم بمنزله في الجنة أدل منه في الدنيا)].
يعني: هؤلاء إذا دخلوا الجنة كل واحد منهم ينطلق إلى مكانه في الجنة؛ لأنه أعرف به من منزله الذي كان يسكنه في الدنيا.