الشركات الآن كثيرة: شركات تجارية، وشركات معمارية، وشركات زراعية، وشركات صناعية أو ما أشبهها، فالمساهمة فيها جائزة، واختلفوا في بيع السهام، فالإنسان إذا اشترك في شركة كشركة (سابك) ، التي هي صناعية منتجة ثم احتاج، فهل له أن يبيع سهامه التي في هذه الشركة؟ ومثلها شركة النقل أو شركة الألبان، فهذه الشركات لا شك أنها تنتج، وأنها تسوق إنتاجها، ويربحون كثيراً، فالصحيح أنه إذا كانت النسبة معلومة جاز البيع، وهم عادةً يخبرون برأس المال عندما يفتحونها ويبتدئونها، فيقولون: رأس المال مائة مليون، أو ألف مليون، أو نصف مليون.
ففي هذه الحال تعرف نسبة المساهمين، فلو كان للإنسان سهم من ألف سهم أو من مائة ألف لكان معروفاً، فيقول: بعتك سهمي الذي هو واحد في الألف، أو واحد في الألفين فيجوز ذلك ولا حرج في ذلك؛ لأنه يصبح شيئاً معلوماً.
والمعاملات المشتبهة التي لا يجوز بيعها مثل المساهمات في البنوك، وذلك لأن البنوك غالباً أعمالها فيها ربا، فلذلك المساهمة فيها لا تجوز، وكذلك شراء الأسهم، وإن كان يجوز الإيداع فيها إيداعاً عادياً، وإذا قيل: إن الشركات الكبيرة -مثل الشركات التجارية، أو الشركات الصناعية، أو المعمارية، أو الزراعية، أو شركات الكهرباء، أو النقل، أو الانتاج- تودع أموالها في البنوك وتأخذ عليها أرباحاً فيقال: إن هذه الأرباح جزء يسير بالنسبة إلى إنتاجها، فقد يكون إنتاجها -مثلاً- مائة مليون، ويكون الذي تأخذه من البنوك يساوي ربع مليون أو نحوه، والمعتاد أنهم في كل سنة يقسمون الأرباح، ففي هذه الحال لا بأس أن المساهم فيها يأخذ سهمه من هذه الأرباح، وحيث إن فيها هذه الشبهة فبعض المشايخ يقول: يتصدق بربعه أو عشره.
ونحن نقول: يكفيه لو تصدق بربع العشر؛ لأنه أكثر من الجزء الذي يؤخذ من الربا، فعلى هذا يصح بيع هذه الأسهم وشراؤها، وذلك لأنها شيء معلوم معين محدد معروف النسبة، يُعرف أن لك في هذه الشركة كذا وكذا من النسبة، واحد في الألف أو واحد في الألفين، فأنت ما تبيع إلا نصيبك، والمشتري ينزل منزلتك في استحقاق ما تستحقه من الأرباح، وأما جعلها تجارة فأرى أن ذلك مكروه، فكثير من الناس يشتري السهام في هذه الشركة مثل: (شركة الراجحي) ، فإذا ارتفع السعر باعها، ثم بعد أيام أو بعد شهر ينزل السعر فيشتري سهاماً، ولا يزال كذلك، ولا شك أنهم يتعرضون للخسران كثيراً، فقد يشتريها على أنها رخيصة، ثم تزداد رخصاً، وعلى كل حال أجاز العلماء بيع الأسهم إذا كانت معلومة، وليس فيها شيء من الشبهة، وأجازوا أخذ أرباح السهام من الشركات الكبيرة ولو كانت تودع في البنوك، أو تقترض من البنوك، ويتصدق بما يظنه دياً، والغالب أنهم يخبرون بالواقع إذا سألهم المساهم: ما قدر الفوائد التي دخلت عليكم من البنوك؟ فإذا قالوا: واحد في الألف أو واحد في المائة تصدق به أو زاد عليه احتياطاً وأخرجه صدقة، والبقية لا بأس بها.
والعادة أن الشركاء يشتغلون بأبدانهم، فيكون من هذا المال والبدن، ومن هذا ماله وبدنه، ومن هذا ماله وبدنه، ويشتركون جميعاً في العمل، ويشتركون في المال، لكن الشركات الكبيرة تأخذ السهام فقط، وتأتي بعمال أجانب يعملون لها في قيادة السيارات، وفي تشغيل الماكنات، وفي تسويق الإنتاج وما أشبه ذلك، فيحتاجون إلى عمال، وذكر بعضهم أن شركة (سابك) تربح في كل سنة نحو ثلاثمائة مليون أو أربعمائة مليون، وأنها تصرف الجميع في إعاشات العمال، وفي الأدوات، وفيما تحتاج إليه الشركة، ويبقى نحو العشر أو نصف العشر من الإنتاج يوزع على المساهمين، مما يدل على أنهم يستغرقون أكثر الإنتاج، فلا يبقى إلا جزء يسير منه هو الذي يوزع على المساهمين، وكذلك أيضاً الشركات الزراعية، يجمعون -مثلاً- رأس مال كثير، ثم يشترون الأدوات، ثم يحفرون الآبار، ويشترون المضخات، ويستجلبون الأدوات، ثم يبدءون في الإنتاج، ثم بعد التصفية لا شك أنهم يربحون، فيوزعون الأرباح على المساهمين، ولا شك أنهم يخسرون أجرة عمال، وكذلك إصلاح الماكنات، ومصاريف الكهرباء، وما أشبه ذلك، فيسددون ذلك من الإنتاج، والبقية توزع على المساهمين، وهكذا بقية أنواع الشركات، والشركات في العمارة تدخل في شركة الأبدان.