يقول: [ومن بلغ رشيداً أو مجنوناً ثم عقل ورشد انفك الحجر عنه بلا حكم، وأعطي ماله، لا قبل ذلك بحال] .
يدفع للصغير ماله بهذين الشرطين: البلوغ والرشد، أو العقل والرشد، فإذا كان مجنوناً ثم عقل ورشد دفع إليه ماله، وإذا كان صغيراً فبلغ ورشد دفع إليه ماله، والدليل قوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء:6] ، فذكر أن لذلك شرطين: الأول: بلوغ سن يقارب سن النكاح.
الثاني: اختبارهم بما يناسبهم، فإذا عقل ورشد أو بلغ ورشد دفع إليه ماله، قال الله: {فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَنْ يَكْبَرُوا} [النساء:6] ، ولا يحتاج إلى حكم حاكم، بل بمجرد بلوغه ورشده يدفع إليه ماله؛ لأنه أحق به، وأما قبل ذلك فلا، ولو بلغ عشرين أو ثلاثين سنة؛ لأنه لا يزال سفيهاً.
بأي شيء يحصل البلوغ؟ البلوغ في الرجل يحصل بثلاثة أشياء: الأول: بالإمناء، أي: بالإنزال، فإذا احتلم فأنزل، أو أنزل باستمناء أو نحوه فقد بلغ، لقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} [النساء:6] .
الثاني: تمام خمس عشرة سنة، لحديث ابن عمر يقول: (عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني) .
الثالث: نبات الشعر الخشن حول الفرج.
فهذه علامات البلوغ في الرجل والمرأة، وقد يوجد في الأطفال شعر رقيق، وليس هو علامة على البلوغ، قال عطية القرظي: (عرضنا على النبي صلى الله عليه وسلم يوم بني قريظة، فكان من أنبت قتل، ومن لم ينبت خلي سبيله، فكنت ممن لم ينبت فخلي سبيلي) ، يعني: كانوا يكشفون عن عوراتهم فينظرون، فمن أنبت يقتل، ويشبهونه بالرجال.
والأنثى أيضاً بلوغها بالإنزال، إذا احتلمت فأنزلت، أو بتمام خمس عشرة سنة، وبالشعر الخشن، وتزيد أيضاً بالحيض، فإذا حاضت فهو علامة على البلوغ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يقبل الله صلاة حائضٍ إلا بخمار) يعني: صلاة من قد حاضت، وكذلك الحمل دليل على الإنزال، فإذا حملت حكم ببلوغها من حين علوقها بالحمل، وهذا دليل على أنها قد بلغت.