الكفالة: هي التزام إحضار من عليه حق مالي من جائز التصرف.
فالكفالة تتعلق بالأبدان، وأما الضمان فإنه يتعلق بالذمة، والحقوق التي تلزم الإنسان إما أن تكون حقوقاً مالية وإما أن تكون حقوقاً بدنية، فالحق المالي مثل الديون والأمانات والعواري ونحو ذلك، فإذا قال -مثلاً-: أعرني الثوب، أو القدر أطبخ فيه، أو السيارة أركبها، أو البعير أركبه، أو الشاة أحلبها فقال: لا بد من كفيل فيصح، وذلك لأن هذا حق مالي، فلو أن الكفيل عجز عن إحضار المكفول فإنه يطالب، فيقال: إما أن تحضر لنا السيارة التي ضمنت صاحبها، وإما أن تغرم قيمتها، وكذلك الثوب أو ما أشبه ذلك، فيطالبونه إما بإحضار المال وإما بالغرامة، وإما بإحضار المستعير أو المستدين، يقولون: أحضر غريمنا حتى تبرأ وإلا طالبناك بما عليه، أما إذا كان عليه حق بدني فلا تصح الكفالة، والحق البدني كأن يكون عليه مثلاً حد قذف الآدمي، أو حد جلد في زنا، أو حد سرقة بقطع اليد، أو حد قصاص بقتل النفس بالنفس.
فقال: من يكفلني؟ أمهلوني أذهب يوماً أو يومين حتى أوصي أو أعهد، فمن يكفلني؟ فهل يصح أن يكفله أحد؟ لا يصح؛ لأنه لو لم يحضره الكفيل فهل نقتل الكفيل ونقول: النفس بالنفس؟! الكفيل ليس هو الجاني، وهل نقطع يده.
ونقول: أحضره وإلا قطعنا يدك؟ الكفيل ليس هو السارق، فلا تجوز الكفالة في الحقوق البدنية مثل حد الزنا وحد القصاص وحد السرقة وحد القذف وحد الخمر، فهذه حدود تتعلق بالبدن، فليس لأحد أن يكفل صاحبها؛ لأنها لا تؤخذ إلا من ذلك الجاني.
وأما الديون والأمانات والعارية فإنها أموال فتصح الكفالة فيها، فيقول: أنا أكفلك في دينك، أنا أكفلك في عاريتك، أنا أكفلك في العين التي استأجرها فلان، إما أن أحضر ذلك المكفول أو أحضر دينك أو أحضر أداتك التي استعارها أو استأجرها، أو أن أغرمها.
فتصح الكفالة لمن عليه حق مالي، وكلمة (حق مالي) .
تخرج الحق البدني كما ذكرنا.
قال رحمه الله: [وبكل عين يصح ضمانها] .
مثاله: العارية فإنها مضمونة، فلو استعار منك قدراً يطبخ فيه وأتلفه ضمن، فإذا قلت: لا أعيرك إلا إذا أتيتني بكفيل فإن الكفيل إما أن يأتي بالعين المرهونة كالقدر مثلاً وإما أن يغرمها.
وكذلك المغصوب، فلو اغتصب الإنسان منك شاة أو جملاً فجاء إنسان وقال: أنا كفيل بأن أحضر ذلك الغاصب، أو أحضر الجمل أو الشاة جازت كفالته، فإذا لم يحضر ذلك فإنه يضمن قيمة البعير، أو قيمة الشاة، أو الثوب، أو القدر.