قال المصنف رحمه الله تعالى: [فصل: وكل ما جاز بيعه جاز رهنه، وكذا ثمر وزرع لم يبد صلاحهما، وقن دون ولده ونحوه، ويلزم في حق راهن بقبض، وتصرف كل منهما فيه بغير إذن الآخر باطل إلا عتق راهن، وتؤخذ قيمته منه رهناً، وهو أمانة في يد مرتهن، وإن رهن عند اثنين فوفى أحدهما أو رهناه فاستوفى من أحدهما انفك في نصيبه] .
الرهن في اللغة: الثبوت.
يقال: ماء راهن: أي: راكد.
ولزوم الشيء مكانه يسمى رهناً، قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر:38] ، {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور:21] ، وفي الحديث: (كل غلام مرتهن بعقيقته) ، وعرفوا الرهن اصطلاحاً بأنه: توثقة عين بدين يمكن استيفاؤه منها أو من ثمنها.
فهو من الوثائق، ومعروف أن الدين هو ما يكون في الذمة، مثلاً في ذمتك مائة ريال أو ألف ريال لفلان نسميها ديناً؛ لأنها ليست عيناً معينة، فإذا أعطيته من فئة خمسمائة أو أعطيته من فئة العشرة فإنه يقبل ذلك، ولا يقول: إنه يلزم أن يعطيني كذا وكذا، فكل ذلك جائز.
فقولهم: (توثقة عين بدين) العين هي الرهن، فإذا رهنته -مثلاً- هذا الكيس فهو عين، أو رهنته هذا البعير، أو هذه الأرض، أو هذا البستان، أو هذه الدار، أو هذه الشاة فهذه عين معينة.
وقولهم: (بدين يمكن استيفاء الدين منها) .
لو قدر أن رجلاً قال: أقرضني خمسة آصع من الأرز وأرهنك هذا الكيس من الأرز، وهذا الكيس ما أحب أنني آخذ منه شيئاً؛ لأني أريد أن أبيعه عند الحلول أو نحو ذلك، ولا أحب أن آخذ منه.
فأقرضته أو بعته خمسة آصع بمائة ريال، فإذا حلّ الدين فإما أن تبيع هذا الكيس فتستوفي دراهمك، وإما أن تأخذ دينك منه فتأخذ من الكيس الخمسة الآصع.