يسأل كثيراً عن الجمعية التي يفعلها الموظفون الذين يكونون في دائرة واحدة كمدرسة أو إدارة خاصة، فإذا دخلت السنة اجتمعوا على أن كل واحد منهم يقتطع من راتبه -مثلاً- ألفاً أو ألفين، فيجمعونه في كل شهر فيكون عشرين أو ثلاثين ألفاً، ويعطونها في الشهر الأول واحداً منهم، ثم يجمعونها في الشهر الثاني ويعطونها آخر، ثم يعطون ثالثاً في الشهر الثالث، إلى أن يدور الدور عليهم كلهم في السنة أو في السنتين، ويسمونها (جمعية الموظفين) ، فهل هذه الجمعية جائزة أم لا؟ منعها بعض المشايخ مثل صالح بن فوزان وغيره، وعرضت على هيئة كبار العلماء فأصدروا فيها فتوى بالجواز، والأكثر من أعضاء الهيئة وافقوا على ذلك، وبعض الذين خالفوا لم يوقعوا، وكتبوا: أنا مخالف أو أنا متوقف ولم يعتبروا خلافهم، وعللوا قولهم بالمنع بأن فيها منفعة، ولكن ليس فيها منفعة للمقرض، وإنما المنفعة للمقترض، ففيها مصلحة، وكأنهم يقولون: أنت -يا هذا- بحاجة إلى أن نعطيك في هذا الشهر ثلاثين ألفاً تؤثث منزلك -مثلاً- أو توفي ديناً حل عليك، ولو لم نعطك لاقترضت أو لاستدنت فتضررت بالدين، وفي الشهر الثاني يكون الآخر أشد حاجة فنعطيها له، وهكذا، فكل واحد يقرضك شهراً، ثم إذا جاءت النوبة رد عليه ما اقترضه، فكأنه أقرضه ثم رد عليه، فلا يكون فيها زيادة، ولا يكون فيها منفعة للمقرض، وإنما المنفعة للمقترضين كلهم، فلا تدخل في قرض جر منفعة.