مسألة: ما حكم التصرف في المسلم فيه قبل قبضه؟
صلى الله عليه وسلم لا يجوز، وذلك لأنه لا يدخل في ملك المُسْلِم المشتري إلا بالقبض، وقد ذكرنا أن القبض في جميع المبيعات شرط لصحة التصرف، فمن اشترى شيئاً بالكيل فلا يتصرف به إلا بعد كيله، ومن اشترى شيئاً بالوزن فلا يتصرف فيه إلا بعد وزنه، وهكذا ما في الذمة، فإذا اشتريت في ذمة هذا المزارع مائة صاع تحل -مثلاً- في رجب وسلمته ثمنها في المحرم كل صاع بريالين، ثم بعد شهر أو نصف شهر جاءك إنسان وقال: بعني دينك الذي في ذمة فلان الذي هو مائة صاع والذي يحل في رجب فهل يجوز أن تبيعه؟ لا تبعه قبل قبضه، وذلك لأنه ما يزال من ضمان البائع الذي هو المزارع إلى أن تقبضه، فلا يزال في ذمة البائع إلى أن يستوفيه المشتري، فيدخل حينئذ في ملكيته.
ومن التصرف أيضاً الحوالة به أو الحوالة عليه، فإذا فرضنا أن صاحب الدراهم اسمه سعد، وصاحب الزرع أو النخل اسمه سعيد، والتمر أو الزرع يحل في رجب، فصاحب الدراهم إن جاءه إنسان يطالبه بدينه فقال: عندك لي مائة صاع أوفها لي الآن.
فهل يقول: أحيلك على سعيد؛ فإن عنده لي مائة صاع تحل في رجب؟ لا يصح؛ لأنها لم تدخل في ملك سعد إلا بالقبض، فلا يحيل عليها.
وإذا جاء رجب وحلّت في ذمة سعيد، وجاءه سعد وقال: أوفني مائة صاع فقد حلت.
فقال سعيد: أُحيلك على خالد فإن عنده لي مائة صاع هل يصح؟ لا يصح، وذلك لأن الذي في ذمة خالد لم يدخل في ذمة سعيد، فلا تدخل في ذمته إلا بالقبض، فلا يحيل عليها قبل قبضها، وقبضها يكون بالكيل، وأجاز بعض العلماء الحوالة إذا حُددت، وقال: إنّ قبض كل شيء بحسبه، وإن المحال يكون كالوكيل.
أي: إذا جاءك يستوفيك فقال: أعطني مائة صاع التي في ذمتك فقد حلّت فكأنك توكله عندما تقول: في ذمة خالد لي مائة صاع أو مائة كيلو، وكلتُك أن تستلمها.
فلعل هذا لا مانع منه، وذلك لقيام الوكيل مكان الموكل.