لا يباع الزرع قبل اشتداد حبه

قال: (ولا زرع قبل اشتداد حبه) لماذا؟ لأنه قبل ذلك عرضة للآفات، فقد يصيبه برد فيجف إذا كان لا يزال في سنبله أخضر، أو لم يخرج السنبل، فلا يجوز أن يقول: بعتك هذا الزرع وهو لا يزال أخضر إلا بشرط القطع في الحال، فإذا قال: بعتك هذا الزرع الذي لم يخرج سنبله بشرط أن تقطعه كعلف؛ يجوز ذلك إذا كان ينتفع به كعلف للدواب، فيقطعه في الحال، أما بيع البر الذي فيه لا يصح حتى يشتد حبه؛ وذلك لأنه إذا اشتد حبه أمن من العاهات، وقبل الاشتداد يمكن أن يصيبه بَرَد أو يصيبه بَرْد أو يصيبه سيل أو ينقطع الماء عنه، فيكون ظمؤه سبباً ليبسه فلا يثمر، أو لا يثمر إلا قليلاً، أما بعد اشتداد الحب فيصح البيع فقد أمنت العاهات.

ويجوز بيع الزرع الأخضر لمالك الأصل أو لمالك الأرض، فإذا كان أصل الزرع أو الأرض التي فيها الزرع لإنسان، والثمر لآخر؛ جاز بيع الزرع قبل اشتداد حبه لمالك الأصل أو لمالك الأرض، مثلاً: إنسان استأجرك لتسقي هذا النخل وهذا التين وهذا العنب، ثم ظهر الثمر، وأنت لك نصف الثمر؛ جاز أن تبيعه على مالك الأصل، فتقول: بعتك نصيبي من هذا النخل ولو كان بسراً، ولو كان حبات صغيرة كحبات العنب أو الرمان أو نحوه، فيجوز بيعه لمالك الأصل.

وكذلك لو استأجرت أرضاً، وبعدما زرعت فيها وظهر الزرع بعتها على مالك الأرض، ولا يزال الزرع أخضر، أو فيه سنبل لكنه لم يشتد، فيجوز بيعه على مالك الأرض.

وكذلك يجوز بيع الزرع لأجنبي بشرط القطع إذا كان منتفعاً به كعلف للدواب، فيجوز بيعه إذا كان منتفعاً به، بشرط ألا يكون مشاعاً، والمشاع هو المشترك بين اثنين، وليس ورث أحد منهما متميزاً، بل كل واحد منهما له نصف هذا الزرع، فلا يجوز أن يبيع أحدهما نصيبه قبل أن يشتد حبه، ولو بشرط القطع؛ وذلك لأنه قد يمنع صاحب النصف الثاني، فيقعون في خلاف.

يقول: (وكذا بقل ورطبة) .

البقل: هو الأوراق التي تؤكل، مثل ورق ما يسمى بالخس وأوراق الفجل وأوراق الجرجير، هذه تسمى بقولاً، يجوز بيعها إذا كانت تقطع في الحال، وأما لمن يبقيها فلا يجوز.

والرطبة: اسم من أسماء (القت) الذي هو البرسيم، وله عدة أسماء، يسمى الخصة أو القصة ويسمى القضب، وهو مذكور في القرآن {وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا} [عبس:28-29] وهو علف للدواب، فالرطبة يجوز بيعها لمن يجزها في الحال، وأما القثاء -وهو البطروح، يشبه الخيار يؤكل ولا يحتاج إلى طبخ- فإنه يؤخذ من شجره، فيجوز بيعه لقطة لقطة، فمثلاً: كلما ظهر هذا القثاء أو هذه البامياء أو ما يسمى بالكوسة تقول: بعتك هذه اللقطة الموجودة بمائة، فيأخذها في الحال، ولا يتركها تكبر، مخافة أن تختلط بغيرها مما يكون للبائع، فتكون لقطة لقطة، كلما بدت هذه اللقطة باعها لمن يقطعها في الحال، أو يبيعها مع أصل هذا الشجر للذي يلقط ثمره لقطة لقطة، فالجف أو القرع أوالباذنجان أو الطماطم وغيرها مما يؤخذ لقطة لقطة، كلما احمر ونضج باعه على من يقطعه في الحال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015