ربا النساء في بيع الذهب واستبداله

يدخل الربا في بيع الذهب، ومعروف أن الذهب علته الوزن، وأن الفضة علتها الوزن، فاتفقا في العلة، فلذلك لا يباع ذهب بفضة إلا يداً بيد، فعلى هذا إذا احتجت -مثلاً- إلى شراء ذهب، وطلبت من أصحاب الذهب ما قيمته -مثلاً- مائتا جرام من الذهب مصوغة -قلائد أو ما أشبهها- فحسب الجرام -مثلاً- بمائة، والمائتا جرام بعشرين ألفاً، وما وجدت إلا عشرة آلاف، والعشرة الآلاف قيمة خمسين جراماً، والخمسون الباقية يكتبها في ذمتك ذهباً، فيقول: في ذمة فلان خمسون جراماً ذهباً مصوغة من عيار كذا وكذا، ولا يقول: عشرة آلاف، بل يقول: خمسون جراماً، فإذا أتيته بعد غد أو بعد خمسة أيام وإذا السعر قد انخفض فإنك تحاسبه خمسين جراماً على سعرها وقت القضاء، ولو ارتفع تحاسبه على سعرها وقت تسليم الثمن، لا على سعرها بالأمس أو قبل الأمس، ويسمى هذا صرفاً بعين وذمة، بمعنى أن في ذمتك أو عندك له خمسين جراماً معروفة، وتريد الآن أن تقضيه ثمنها، وكأنك تشتريها منه الآن، تقول: أشتري منك خمسين جراماً الآن بقيمتها بعين وذمة، ولا تحسبها على ثمنها بالأمس؛ وذلك لأنه يصير بيع ذهب بفضة وأحدهما غائب؛ ولهذا يقول: وإذا افترق المتصارفان بطل العقد فيما لم يقبض، فإذا افترق المتصارفان، بطل العقد فيما لم يقبض، كما مثلنا أنك قبضت مائتين وخمسين نصف الجنيه، وبقي النصف الذي هو مائتان وخمسون، لا تكتب في ذمتك مائتان وخمسون، بل اكتب: في ذمتك نصف جنيه، أو عندي لفلان نصف جنيه.

فإذا كنت بحاجة إلى أن تشتري عشرين جراماً أو مائة جرام، وكل جرام بمائة، ولم تجد إلا نصف القيمة، فالباقي تكتبه عندك جرامات، فتقول: عندي لفلان عشرة جرامات من الذهب، فالذي لم يقبض ثمنه تعده أمانة عندك، فإذا أتيته غداً تحاسبه على سعر الغد، أي: على سعر وقت إحضار الثمن لا على سعرها بالأمس، هذا معنى قوله: بطل العقد فيما لم يقبض.

أما الذين يستبدلون الذهب القديم بذهب جديد فلابد في هذه الحال أن يبيعوا الذهب القديم بدراهم، ثم يشترون بالدراهم ذهباً جديداً، والعادة أن أهل الذهب يفرقون بينهما، فيشترون -مثلاً- الجرام من الذهب القديم بخمسة وأربعين، ويبيعون الجرام من الذهب الجديد بخمسين أو بخمسة وخمسين، وفي هذه الحال صاحب الذهب يشتري منك الذهب القديم، فيقول: هذا الذهب القديم اشتريته الجرام بخمسة وأربعين، قيمته أربعة آلاف، وأنت تريد ذهباً جديداً، عندي لك الآن أربعة آلاف، تشتري مني الجديد؟ فإذا قلت: نعم، أشتري منك هذا الذهب الجديد، فوزنه، وإذا قيمته خمسة آلاف، فحاسبك على الأربعة الآلاف التي في ذمته ثمن الذهب القديم، وتزيده الألف الذي هو ثمن الذهب الجديد، فتكون قد حاسبته على ما في ذمته من ثمن قديم وعلى ثمن جديد.

وأما أن يكون ذهب بذهب ومعه زيادة فلا يجوز، فإذا قال -مثلاً-: أنا أشتري منك هذا الذهب بهذا الذهب، مع ألف ريال زيادة، هذا -مثلاً- وزنه مائة جرام ولكنه مستعمل، وهذا وزنه مائة جرام ولكنه جديد، فيأخذ القديم ويعطيك الجديد، ويقول: أعطني زيادة مع الذهب ألفاً أو خمسة آلاف.

هل يجوز هذا؟ لا يجوز، ذهب بذهب وزيادة لا يجوز، بل يشتري الذهب القديم بدراهم، إما أن يدفعها لك وتشتري منه أو من غيره، وإما أن يبيعك وتحاسبه على ما في ذمته لك من ثمن الذهب القديم، ويقع الناس في أخطاء في مثل هذا، والفضة لا يتعامل بها الناس الآن، وإنما يتعاملون بالأوراق النقدية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015