فروض التيمم اثنان: مسح الوجه، ومسح الكفين، أما فروض الوضوء التي تغسل فأربعة، ومسح اليدين يكون إلى الكوع عند الحنابلة، والكوع هو: المفصل الذي بين الكف والذراع، فمفصل الكف من الذراع يُسمى كوعاً، ومفصل الذراع من العضد يُسمى مرفقاً، والمسح إلى المرفقين مختلف فيه، والشافعية قالوا: يمسح إلى المرفق؛ لأن المسح بدل الغسل، واستدل الحنابلة بحديث عمار بن ياسر: أنه يكفي مسح الكفين فقط، ولكن لابد من مسح بطونها وظهورها وتخليل الأصابع؛ لأن الله قال: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً} [النساء:43] ولم يذكر حداً، ولم يقل: إلى المرافق، ولا إلى الآباط، فاليد عند الإطلاق تطلق على الكف؛ وذلك لأنها هي التي تعمل، كما في قوله تعالى: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ} [آل عمران:182] ، والذراع لا يعمل غالباً، فتكون اليد هي الكف، ولقوله: {تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ} [المائدة:33] ، والسارق تقطع يده من الكوع، والدليل الذي يستدل به الشافعية على أن المسح إلى المرفق ضعيف لا يصح، وهو مروي في سنن الدارقطني: (التيمم ضربتان: ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين) ولكنه ضعيف.
وإذا كان التيمم بدلاً عن الوضوء فلابد فيه من الترتيب والموالاة، ويقولون: يجب الترتيب والموالاة إذا كان التيمم عن حدث أصغر، فإذا كان التيمم لرفع حدث أصغر -مثلاً- لأجل خروج الريح، أو لأجل بول أو لأجل أكل لحم إبل، أو نحو ذلك؛ فيكون أركانه وفروضه أربعة: مسح الوجه، ومسح الكفين، والترتيب، والموالاة، أما إذا كان عن حدث أكبر فلا يشترط ترتيب ولا موالاة؛ لأنهما لا يشترطان في أصله، فالغسل لا يشترط فيه الترتيب، ولا يشترط فيه الموالاة، فلو غسل أعلى جسده إلى بطنه في أول الليل، وغسل بقيته من بطنه فما تحت في آخر الليل أجزأ، يعني: لا تشترط فيه الموالاة، وكذلك لو بدأ بالاغتسال برجليه ثم بساقيه ثم بفخذيه ثم بحقويه ثم ببطنه وصدره ثم برأسه أجزأ؛ لأنه لا يشترط فيه ترتيب، فيقولون: إذا كان التيمم بدل الحدث الأصغر فلابد من ترتيب وموالاة، وإذا كان بدل الحدث الأكبر فلا حاجة إلى موالاة ولا ترتيب.
ولعل الأقرب: أنه يلزم الترتيب والموالاة في الأمرين؛ وذلك لأنه ليس فيه كلفة، فهما في مقام واحد، فيضرب الأرض ثم يمسح الوجه ثم يمسح اليدين لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (ابدءوا بما بدأ الله به) ، فالله بدأ بالوجه فقال: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [النساء:43] ، فهو قدم الوجه فنقدمه كما في الوضوء.
وكون الإنسان يضرب بيديه الأرض ثم يمسح وجهه، ثم بعد ساعة أو نصف ساعة يضرب ويمسح يديه هذا خلاف المعتاد، فالتيمم عبادة واحدة فلا يفرقها، لا في أكبر ولا في أصغر.