تكلم المصنف على جلد الميتة، واختار أنه لا يطهر بالدباغ، واستُدل على ذلك بحديث عبد الله بن عكيم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: (لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب) ولكن الحديث فيه مقال، وقد كثر اضطراب المحدثين فيه، فلما كان فيه ضعف واضطرب عدل الإمام أحمد عن العمل به في الآخر، فالصحيح أنه فإذا دبغ الجلد طهر، وقد وردت فيه أحاديث صحيحة كقوله: (أيما إهاب دبغ فقط طهر) ، وقوله: (يطهره الماء والقرظ) يعني: الدباغ، وقوله: (ذكاته دباغه) أي: يعمل الدباغ كما تعمل الذكاة، وغيرها من الأحاديث، وفي فعل الصحابة رضي الله عنهم كـ ميمونة دليل على أنه يطهر بالدباغ.
وأجزاء الميتة نجسة إلا الشعر ونحوه؛ لأن الشعر يقطع منها في الحياة، ويختار المؤلف أن أجزاءها كالعظام والأظلاف والقرون نجسة، واختار شيخ الإسلام أن العظم إذا جف فهو طاهر، ولو كانت تحل فيه الحياة، وكذلك الظلف والقرن، فيجوز أن يجعل القرن فقبض سكين مثلاً، وكذا الظلف؛ وذلك لأنه لا تحله الحياة؛ ولأنه لا يسري فيه الدم.
قوله: (والمنفصل من حي كميتته) ، ورد في حديث: (ما أُبين من حي فهو ميتة) يعني: ما قُطع منه، فإذا قُطع ذنب الشاة وهي حية فإنه نجس، أو كذلك قطعت رجل الظبي -مثلاً- وهو حي فإنها نجسة ميتة، وما قطع من السمكة وهي حية فإنه طاهر وحلال؛ لأن ميتة السمك طاهرة.