القدرة على التسليم

الشرط الخامس: القدرة على التسليم، ويخرج به إذا كان لا يقدر على تسليمه فإنه لا يصح العقد، ومثلوا لذلك ببيع الجمل وهو شارد، فإنه عادة إذا شرد لا يستطيعون اللحوق به، توجد عندهم الخيل، ولكن قد لا تدركه، وقد تدركه ولكن يغلب الفرس بقوته، فربما صدمها وسقطت؛ فلذلك قالوا: لا يباع الجمل وهو شارد.

ويمكن في هذه الأزمنة أن يدرك بالسيارات، وإن كان قد يسلك طريقاً صعباً لا تسلكها السيارات، إذا كانت الطريق فيها شعاب وأشجار وحجارة ومرتفعات ومنخفضات، فالجمل قد يصعد الجبال، وقد يسرع السير في تلك المرتفعات ولا يهمه، فلذلك لا يصح بيعه حتى يقدر على تسليمه.

وكذلك العبد الآبق -الهارب- لا يجوز بيعه؛ لأنه غير مقدور على تسليمه.

وهكذا بيع الطير في الهواء ولو ألِف الرجوع كالصقر والبازي والباشق التي تعلم لأجل الصيد بها، إن كان طائراً في الهواء فالعادة أنه لا يفهم، وإذا قيل له: ارجع، فلا يدري ولا يرجع، وإن كان أهله يشيرون إليه إشارات فينزل بها لهم، ولكن ليس ذلك مطرداً؛ لذلك لا يجوز بيع الطير في الهواء، وهكذا الطيور المأكولة، لو مر بك قطيع من الحمام في السماء فلا يجوز أن تقول: أبيعك يا فلان خمساً من هذه الحمام، سأرميها وأسقطها؛ لأن هذا ليس في إمكانك، وليست في ملكيتك، ولو كنت معتاداً أن تصيب إذا رميت، فلا يجوز بيعه وهو في الهواء.

وكذلك السمك في البحر، فالعادة أنه يكون بعيداً، وقد يهرب إذا نزل إليه أحد ليصيده، فلا يجوز بيعه وهو في هذه الحال، وهذه أمثلة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015