قوله: (وعلى الجيش طاعته والصبر معه) .
يجب على كل الجيش الذي ينفر أن يطيعوا أميرهم ويصبروا معه، ولكن إنما الطاعة في المعروف، ثبت أنه صلى الله عليه وسلم أمر على سرية عبد الله بن جحش، وأمرهم أن يطيعوه، ثم إنه غضب عليهم، فأمرهم مرة أن يوقدوا ناراً وقال: ادخلوها، فقد أمركم النبي صلى الله عليه وسلم أن تطيعوني.
فأراد بعضهم أن يدخلها، ثم قالوا: ما فررنا إلا من النار، كيف ندخلها؟! ولم يزل بعضهم يحفز بعضاً حتى خمدت النار وسكن غضبه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الطاعة في المعروف) فطاعته تكون فيما فيه مصلحة.
ولهم أن يشيروا عليه بما يرون فيه مصلحة، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يعطي غطفان ثلث ثمار المدينة على أن يرجعوا في غزوة الأحزاب، فاستشار سعداً فقال: إن كان أمراً تأمرنا به فسمعاً وطاعة، وإن كان رأياً فلا والله ولا تمرة واحدة، فعند ذلك قبل كلام سعد، وكذلك في كثير من الأمور كان يستشيرهم عملاً بقوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمران:159] فعليهم أن يشيروا عليه بما يرونه صالحاً، وأن يصبروا معه، وألا ينصرفوا ولا يرجعوا حتى يرجع الجيش.