بعد الطوف يبدأ بالسعي، وذكروا أنه بعد أن يصلي ركعتين يرجع إلى الحجر الأسود فيستلمه، وهذه السنة قد هجرت، ولكن يفعلها الإنسان إذا استطاع، أو يحاذي الحجر ثم يشير إليه ثم يخرج إلى الصفا، وكان هناك باب محاذ للحجر في جهة الجنوب الشرقي يسمى باب الصفا، يدخلون منه ثم يتوجهون إلى الصفا، وكان الصفا والمروة خارجاً عن حد المسجد -يعني: لهما حمى خاص- وفي هذه التوسعة الكبيرة أدخلا فيه، وجعل سور المسجد وراء المسعى، فإذا خرج من هذا الباب -أي: من جهة باب الصفا- توجه نحو الصفا ثم بدأ بالسعي، ويبدأ بالصفا فيرقاه حتى يرى البيت، وقد لا يراه بسبب البنايات وبسبب العمد والسواري، فإذا رآه استقبله وكبر ثلاث تكبيرات متوالية، ثم يقول ما ورد، وقد ورد أنه يقول: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده) وإن زاد قوله: (ولا شيء قبله ولا بعده) فلا بأس، ويدعو بما أحب، ويستحب عند التوجه إلى الصفا أن يقرأ الآية: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة:158] الآية، ثم يقول: (نبدأ بما بدأ الله به) ، فإذا دعا على الصفا وتوجه إلى المروة ماشياً حتى يحاذي العلم الأخضر، كان هناك علمان مثل العمود الأخضر، والآن جعلا في أصل الحائط، وجعل فيها نجفات خضر، وهذان العلمان كانا مهبط وادٍ، أدركناه قبل خمسين سنة، وكانوا إذا نزلوا فيه يسرعون فيه لكونه مجرى واد، والحكومة صرفت الأودية، وجعلت لها مجارياً، وجعلت الطريق مستوياً، ولكن من باب إحياء السنة يستحب أن يسعى بين العلمين ولو لم يكن منهبطاً، ويسعى بين العلمين سعياً شديداً إذا استطاع وإذا وجد سعة، فإن كان هناك زحام أو لا يستطيع مشى بقدر ما يستطيع، فما بين العلمين محل جري.
وبعد ذلك يمشي من العلم الثاني إلى المروة، فيرقى على المروة ويقول ما قاله على الصفا من التهليل والتكبير ونحو ذلك، ثم ينزل متوجهاً إلى الصفا، فإذا جاء إلى ما بين العلمين سعى، ويمشي في موضع مشيه ويسعى في موضع سعيه.
والسعي سبعة أشواط، ذهابه شوط ورجوعه شوط، يبدأ بالصفا ويختم بالمروة، ولو بدأ بالمروة لم يحتسب بذلك الشوط.
وبعدما ينتهي يكون قد أنهى عمرته إذا كان متمتعاً أو كان معتمراً.
والأفضل أن المتمتع الذي ليس معه هدي قد قلده يقصر شعره، ويترك الحلق حتى يحلقه للحج، وإن حلق فلا بأس.