قوله: (وحرم مطلقاً صيد حرم مكة) فمكة تميزت عن غيرها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يعضد شجرها، ولا ينفر صيدها، ولا يختلى خلاها، إلا الإذخر) وهذا من آثار تحريمها، وأنها حرم، فكونها حرماً: لا يقتل صيدها، بل ولا ينفر إلا ما يملكه الآدميون، فمثلاً: الحمام البري والدجاج والأوز يجوز ذبحه في مكة، وأما حمام الصيد وغيره مما هو صيد حتى الجراد فإنه لا يجوز صيده ولا ذبحه، ومن ذبحه فعليه فدية، وحكم بعض الصحابة في الجرادة تمرة، وقالوا: (تمرة خير من جرادة) فإذا قتل جرادة فعليه أن يتصدق بتمرة، وبعضهم يقول: قبضة طعام من تمر أو أرز.
وقطع الشجر فيه أيضاً جزاء، إذا كانت الشجرة كبيرة ففيها بدنة، وإذا كانت صغيرة ففيها شاة، وأما الحشيش ففيه قيمته، الحشيش الذي هو أعواد دقيقة منبسطة على الأرض، ففيه قيمته، ورخص في الإذخر، فقد استثناه النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم يحتاجون إليه لقينهم ولبيوتهم ولقبورهم.
والحاصل أن الشجر فيه الجزاء مثل جزاء الصيد.
وأما صيد حرم المدينة فحرام، ولكن ليس فيه جزاء، فلم يرد فيه الجزاء، ولا يجوز قطع شجره وحشيشه إلا أنه رخص لهم بقطع الشجر في الأشياء التي يحتاجون إليها في الناعورة والبكرة وما يحتاجون إليه، وكذلك الحشيش علفاً لدوابهم، والقتب وهو الذي يجعل على ظهر السانية التي يسنون عليها.
فالحاصل أنه يحرم ذلك ولا جزاء فيه.