قوله: (وفي تغطية الرأس بلاصق، ولبس مخيط، وتطيب في بدن أو ثوب أو شم أو دهن الفدية) .
الفدية ذكرت قريباً في قوله: (وفي الثلاثة فأكثر دم) وهذا يريد به تمام الفدية، فإن الله تعالى ذكر الفدية وفيها التخيير: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة:196] والآية فيها إجمال، وجاءت السنة بالتفصيل وبالتبيين، ففي حديث كعب بن عجرة أنه لما آذاه هوام رأسه قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (احلق واذبح شاة، أو صم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين) فبين أن المراد بقوله تعالى: (من صيام) أنه ثلاثة أيام، وقوله تعالى: (أو صدقة) أنه إطعام ستة مساكين، وقوله تعالى: (أو نسك) أن النسك أقله شاة، أي: واحدة من الغنم.
فهذه الخمسة يخير فيها، والنص ورد في الحلق، وألحق به الفقهاء هذه الخمس، فإذا حلق رأسه أو بعضه قلنا: أنت مخير بين أن تصوم ثلاثة أيام، أو أن تطعم ستة مساكين، أو أن تذبح شاة، وكذلك لو قلم من أظافره ثلاثة فأكثر قلنا له: أنت مخير، وكذلك لو غطى رأسه، وكذلك لو لبس مخيطاً، وكذلك لو تطيب في بدنه أو تطيب في ثوبه أو شم الطيب أو ادهن به؛ فإنه مخير بين هذه الثلاثة.
والصيام يصلح في كل مكان، وأما الإطعام فلمساكين الحرم، وكذلك النسك -الذبح- لمساكين الحرم؛ وذلك لقوله تعالى: {هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة:95] هذه فدية هذه الخمسة.
وكذلك من محظورات الإحرام: الصيد، فالصيد فيه الجزاء؛ لقوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ} [المائدة:95] والصيد: هو اقتناص حيوان بري متوحش طبعاً غير مقدور عليه، واصطياده فيه جزاء، ولابد أن يكون مأكولاً، فلو قتل ذئباً أو ثعلباً أو قطاً فليس عليه فدية؛ لأنه غير مأكول، وكذلك إذا لم يكن برياً، فلو قتل أو ذبح فرساً أو بعيراً -ولو كان ذلك البعير قد نفر من أهله- فلا جزاء فيه، فأما إذا كان صيداً برياً مأكولاً فإن فيه الجزاء، فهذه ستة.