والقارن والمتمتع عليهما هدي.
ويشترط لوجوب الهدي شروط: أولها: أن يكون آفاقيا، أي: ليس من ساكني المسجد الحرام؛ لقوله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة:196] أي: يكون آفاقيا، وأقل ذلك مسافة قصر، والصحيح أنه يكون آفاقيا حتى ولو كان من خارج حدود الحرم، فلو كان من أهل جدة اعتبر آفاقيا، وكذلك من أهل بحرة ونحوها، أما القرى المتصلة بمكة فإنها تعتبر من حاضرة المسجد الحرام.
هذا شرط، والمؤلف رحمه الله لم يذكر هنا إلا شرطاً واحداً، وذكر الشارح سبعة شروط لوجوب الهدي على المتمتع وعلى القارن هذا أحدها، أن لا يكون من حاضري المسجد الحرام.
الشرط الثاني: أن تكون عمرته في أشهر الحج، فإذا كانت عمرته في رمضان فلا يكون متمتعاً.
الشرط الثالث: أن يحج من ذلك العام، فلو اعتمر في سنة وحج في سنة فلا يجب عليه الدم.
الشرط الرابع: أن لا يسافر بين الحج والعمرة مسافة قصر.
هكذا قال بعض العلماء، ولكن قد اختلف في حد مسافة القصر، ومنهم من قال: لا يسقط عنه الهدي إلا إذا رجع إلى أهله ولو كان مكان أهله قريباً كجدة مثلاً.
ومن قالوا: مسافة القصر اختلفوا: فمنهم من قال: هي خمسة وثمانون كيلو متر.
ومنهم من قال: مسافة القصر أربعة برد.
ومنهم من قال: مسافة القصر مسافة يوم وليلة.
والمختار أنه إذا غاب عن مكة مدة يوم وليلة وقطع فيها ما لا يقطع إلا بمشقة سقط عنه دم التمتع.
الشرط الخامس: أن يتحلل من العمرة، فإن أحرم قبل حله منها صار قارناً، ولكن مع ذلك عليه دم.
الشرط السادس: أن يحرم بالعمرة من الميقات أو من مسافة قصر فأكثر من مكة، وهذا داخل في كونه إذا لم يحرم بها؛ فإنه من حاضري المسجد الحرام.
الشرط السابع: أن ينوي التمتع في ابتداء العمرة أو أثنائها.
وأكثر الفقهاء ما ذكروا إلا أربعة شروط: الأول: أن لا يكون من أهل مكة.
ونالثاني: أن تكون عمرته في أشهر الحج.
والثالث: أن يتيسر له الحج في ذلك العام.
والرابع: أن لا يسافر بينهما مسافة قصر.
هذه شروط وجوب الهدي أو شروط وجوب دم التمتع.
يقول: [وإن حاضت متمتعة فخشيت فوات الحج أحرمت به وصارت قارنة] .
فـ عائشة رضي الله عنها أحرمت متمتعة بالعمرة، ولما جاءت إلى سرف حاضت، وبقيت في عمرتها، ولما كانت بمكة وقرب ذهاب الناس إلى عرفة وهي لم تطهر أمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تدخل على عمرتها حجاً، فأدخلت الأكبر على الأصغر وصارت قارنة، ولم تطهر إلا بعرفة فطهرت واغتسلت، وقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (إن طوافك بالصفا والمروة يكفيانك عن حجك وعمرتك) ولكنها لما رأت صويحباتها قد حصلن على حج مستقل وعمرة مستقلة أحبت أن تكون مثلهن.