قال المصنف رحمه الله: [ويسن لمريد إحرام غسل أو تيمم لعذر] .
أي: إذا وصل إلى الميقات، وذلك أنهم كانوا لا يصلون إلى المواقيت إلا بعد مدة، بعد عشرين يوماً أو بعد خمسة وعشرين يوماً، فلا يصلون إلى الميقات إلا وقد اتسخت أبدانهم واتسخت ثيابهم، فهم بحاجة إلى أن يتنظفوا ويغتسلوا، إلا أهل المدينة؛ فإن ميقاتهم بجانب المدينة ما بينهم وبينها إلا ثلاث ساعات بالرواحل أو نحوها، ولكن ميقاتهم بعيد عن مكة؛ لأنهم يبقون محرمين عشرة أيام، فما بين مكة وميقات أهل المدينة عشرة أيام، فهم بحاجة إلى الاغتسال وإلى النظافة، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر النفساء أن تغتسل للإحرام مع أنها لا تصلي، فدل ذلك على مشروعيته.
نقول: إذا قدر أن الإنسان في بيته تنظف واغتسل وأزال ما في بدنه من الأوساخ ثم ركب سيارته، وبعد خمس ساعات أو ست ساعات أو نحوها وصل إلى الميقات، فهذه الساعات لا يتسخ فيها بدنه عادة، فيكتفي باغتساله في منزله، ويعمل ما يعمله من مقدمات الإحرام ويحرم.
أما شرعية التيمم فالتيمم لعدم الماء، والصحيح أنه ليس بمشروع، إلا إذا أراد أن يصلي ركعتين ولم يجد ماء فإنه يكتفي بالتيمم، فأما إذا كان الماء موجوداً فإنه يتوضأ ويصلي ركعتين، وأما غسل الإحرام فلا حاجة إلى أن يتيمم بدله، وذلك لأننا عرفنا أن الاغتسال شرع لأجل النظافة، ومعلوم أن التيمم لا ينظف ولا تحصل به نظافة البدن ولا نظافة أعضاء الوضوء.