إذا نذر الاعتكاف في مسجد غير المساجد الثلاثة لم يلزمه فيه، بل يجوز في غيره، ومثال ذلك: إذا نذرت وقلت: لله علي أن أعتكف في هذا المسجد يوماً ولا أخرج منه، جاز لك أن تعتكف في المسجد الثاني الذي يقع جنوب أو يقع شمال، وجاز لك أن تعتكف في كل مسجد يوماً؛ لأن القصد هو العبادة، وهذا المسجد ليس له مزية على غيره، فكلها مساجد تصح فيها العبادة.
أما إذا خص أحد المساجد الثلاثة فإنه يلزمه فيه، والمساجد الثلاثة هي التي تشد إليها الرحال، وأفضل المساجد الثلاثة: المسجد الحرام؛ لأن الصلاة فيه بمائة ألف، ثم يليه المسجد النبوي، والصلاة فيه بألف، ثم المسجد الأقصى والصلاة فيه بخمسمائة.
روي أن رجلاً قال: (يا رسول الله! إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في المسجد الأقصى، فقال: صل ها هنا) يعني: في مسجد مكة؛ لأنه أفضل، فقال: (إني نذرت في ذلك المسجد، فكرر عليه ذلك مراراً، فقال: شأنك إذاً) فإذا اخترت ذلك فلك ذلك، فمن نذر أن يصلي أو يعتكف في المسجد الأقصى جاز له أن يقضي نذره أو صلاته في المسجد النبوي؛ لأنه أفضل، ومن نذر أن يعتكف أو يصلي في المسجد النبوي جاز له أن يعتكف أو يصلي في المسجد الحرام؛ لأنه أفضل، ومن نذر أن يعتكف أو يصلي في المسجد الحرام لم يجزئه في غيره؛ لأنه ليس هناك ما هو أفضل منه، فأما المساجد الأخرى فإن بعضها ينوب عن بعض، فإذا نذر أن يعتكف أو يصلي في مسجد قباء جاز أن يصلي أو يعتكف في غيره من مساجد المدينة، أو في المسجد الأموي في دمشق الشام أو في مسجد عمرو بن العاص في مصر، وكذلك في غيره.
والحاصل: أنه إذا نذر في غير المساجد الثلاثة صلاة أو اعتكافاً فإنه يجزئه في غيره، وأما في الثلاثة فلابد أن يجزئ في أحدها، وإن عين الأفضل لم يجزئه في غيره، والأفضل هو مسجد مكة (المسجد الحرام) ثم المسجد النبوي ثم المسجد الأقصى (مسجد بيت المقدس) .