إذا مات المفرط فإن على ورثته أن يكفروا عنه، فيطعمون عنه من رأس ماله، ولا يصام عنه، ومثال ذلك: إذا أفطر عشرة أيام لمرض، ثم شفاه الله بعد رمضان شهراً أو شهرين أو نصف سنة، ولكن كان يدعي شيئاً من المرض مع أنه قادر على أن يصوم ولكن: تساهل، ثم عاد إليه المرض بعد ثلاثة أشهر، ولما عاد إليه حبسه، وبقي مريضاً حتى أدركه رمضان الثاني أو لم يدركه ولكنه مات في هذا المرض الثاني، فماذا يجب على ورثته؟ الإطعام من رأس ماله، فيطعمون عليه عن كل يوم مسكيناً، ولو تبرع أحدهم أن يصوم عنه هل يصام عنه أم لا؟ أكثر الأئمة يجوزون أن يصام عنه، فيصوم عنه ولده الذكر أو الأنثى أو زوجته أو أخته، وذهب الإمام أحمد إلى أنه لا يصام عنه ما أفطر من أيام رمضان؛ وذلك لأنه ثبت عنده أن الحديث الذي في قضاء الصيام عن الميت إنما هو صيام النذر، فتلك المرأة قالت: (إن أمي ماتت وعليها صوم نذر أفأقضي عنها؟ قال: نعم) وفي رواية: رجل، ولكن جاءنا حديث صحيح واضح في أنه يقضى عنه، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه) ولا شك أنه يعم صيام الفرض وغيره، فصيام النذر ورد تشبيهه بالدين مع أنه لم يجب بأصل الشرع، وإنما أوجبه المرء على نفسه، فصيام الفرض الذي أوجبه الله أولى بأن يقضيه عنه أحد أولاده أو أهله.
فالصحيح أنه يقضى عنه، فإن شاءوا صاموا عنه، وإن شاءوا أطعموا عنه، وأما النذر فالمشهور أنه يلزم القضاء عنه، فيصوم عنه أحد أقاربه.
وإذا قلنا: يجوز الصيام عنه فهل يلزم أن يكون الصائم واحداً أم يجوز أن يكونوا عدداً؟ يجوز أن يكونوا عدداً، فإذا كانت عليه عشرة أيام، وأولاده عشرة: خمسة ذكور وخمسة أناث، فقالوا: نصوم عنه يوماً واحداً كلنا، فأصبحوا صياماً يوماً واحداً، ونووا أن صيامهم عن أبيهم، فالصحيح أن ذلك يجزئ.
قوله: (وإن كان على الميت نذر من حج أو صوم أو صلاة ونحوها سن لوليه قضاؤه) إذا كان عليه نذر كأن يقول: إن شفاني الله تعالى أو رد غائبي، أو عافاني من هذا المرض، أو ربحت في هذه التجارة، أو جاء ولدي من غيبته؛ فعليَّ أن أصوم عشرة أيام، أو أن أحج حجة واحدة، أو أن أصلي عشرين ركعة، أو أن أتصدق بمائة، أو أن أقرأ القرآن في ليلة، أو أن أذكر الله في هذا اليوم ألف مرة، أو نحو ذلك من القربات، فهذا يعتبر نذر طاعة يجب الوفاء به، فإذا مات ولم يقضه قيل: يسن لوليه القضاء، وقيل: يجب، وإذا كانت له تركة وجب أن يخرج من تركته ما يقضي نذره، فيقال لأحد الناس: حج عن فلان فإن عليه نذراً، أو يقال لولده: صم عنه، أو صل عنه، واجعل صلاتك عوضاً عن صلاته التي نواها ولم يقدر، ففي هذه الحال يجب الصوم على الولي، وكذلك الصلاة والحج والقراءة والذكر وما أشبه ذلك.
قوله: (ومع تركة يجب لا مباشرة ولي) أي: إذا كانت للميت تركة فيجب أن يقضى عنه ولو بأجرة، كأن يعطى من يحج عنه ونحو ذلك.