من المفطرات الوطء (الجماع) ، فإذا جامع في نهار رمضان بلا عذر فعليه القضاء والكفارة، ولابد أن يكون نهاراً، وأن يكون ذاكراً، وأن يكون بلا عذر، فإذا كان بعذر كأن يغلبه الشبق الذي هو شدة الشهوة، ولم يستطع أن يتمالك نفسه، ففي هذه الحال ليس عليه إلا القضاء، فأما إذا كان يقدر أن يملك نفسه، ولو مع وجود الشهوة فإن عليه القضاء والكفارة.
والذي تجب فيه الكفارة هو الوطء الحقيقي الذي يوجب الحد في الزنا، ويوجب الغسل في الجماع، ولو لم يحصل به إنزال.
والكفارة مثل كفارة الظهار على الترتيب: أولاً: عتق رقبة، والصحيح أنها لابد أن تكون مؤمنة؛ لأن الله اشترط الإيمان في كفارة القتل، وأطلق في كفارة الظهار، فيحمل المطلق على المقيد.
ثانياً: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [المجادلة:4] فلابد من التتابع.
ثالثاً: {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة:4] لكل مسكين مد بر أو نصف صاع من شعير أو غيره، وقيل: بل نصف صاع من الجميع: من الأرز أو البر أو نحوه، وهو الأحوط.
قوله: (فإن لم يجد سقطت) استدلوا بقصة ذلك الرجل الذي قال: (هلكت! وقعت على أهلي في رمضان، فقال: هل تجد رقبة؟ قال: لا، قال: هل تستطيع صيام شهرين متتابعين؟ قال: لا، قال: هل تجد ما تطعم ستين مسكيناً؟ قال: لا، فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق -والعرق الزنبيل- فيه تمر فقال: أين الهالك؟ خذ هذا وتصدق به، فقال: أعلى أفقر مني؟! ما بين لابتيها أهل بيت أفقر منا، فقال: أطعمه أهلك) ولم يأمره بالقضاء إذا أيسر، فدل على أنها سقطت عنه.
أما المرأة فاختلف في الكفارة عليها، فإن كانت معذورة كأن يطأها وهي نائمة، أو أكرهها وقهرها، أو كانت ناسية أو جاهلة؛ فلا كفارة عليها، وإن كانت مختارة ومطاوعة وعالمة ومتعمدة وعارفة بالحكم فعليها كفارة مثله، ويلزمهما قضاء ذلك اليوم الذي أفسداه.