لماذا شرعت زكاة الفطر؟ شرعت لسببين: السبب الأول: طهرة للصائم من اللغو والرفث؛ وذلك لأن الصائم قد يعمل بعض الأخطاء التي تقدح في صومه، فكلامه فيما لا يعنيه، وسفهه ولغوه، والغيبة والسباب ونحو ذلك، كل هذه لا شك أنها تنقص الصوم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) يعني: أنه إذا عمل بقول الزور فإن صومه يبطل أو ينقص أجره، وفي الحديث لما ذكر الصوم قال: (إذا كان صوم يوم أحدكم فلا يفسق ولا يرفث ولا يجهل، فإن سابه أحد فليقل: إني امرؤ صائم) ، وورد حديث: (أهون الصيام ترك الطعام والشراب) يعني: أن ترك الغيبة وترك النميمة وترك الأعمال السيئة صعب على النفوس، وهو في الحقيقة ثمرة الصيام، وفي حديث آخر: (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) .
فلما كان الصائم لا يسلم إلا نادراً شرع أن يختم صيامه بهذه الصدقة؛ لتكون مكملة لما نقص، ومرقعة لما تخرق.
ولذلك يقول بعضهم: استغفر الله من صيامي طول زماني ومن صلاتي صوم يرى كله خروق وصلاة أيما صلاة السبب الثاني لشرعيتها: أنها طعمة للمساكين، ففي الحديث: (أغنوهم عن السؤال في هذا اليوم) فإن يوم العيد يوم فرح وسرور، والناس يظهرون فيه بالفرح ويهنئ بعضهم بعضاً، ولذلك يكون من الذلة أن يذل الإنسان نفسه بتكفف الناس في ذلك اليوم، إذا لم يكن عنده ما يقوت به نفسه ويقوت به عياله، فلذلك شرعت هذه الفطرة: طهرة للصائم وطعمة للمساكين.