نصاب النقود الورقية ومقدارها

والآن جاءت هذه الأوراق، ووقع فيها خلاف طويل وكثير بين العلماء، فبعض مشايخنا يقول: إن نصابها ستة وخمسون كنصاب الفضة؛ لأن الريال الورقي بدل عن الريال الفضي سواء بسواء، ويقول: إن ريال الفضة لا يؤكل ولا يشرب ولكنه يدفع كقيمة، وكذلك يقال في ريال الورق إنه يؤخذ كقيمة، فلا فرق بينهما.

والأكثرون من المشايخ على أنها ليست كالفضة، وذلك لاختلاف القيمة، فأنت الآن إذا ذهبت للصرافين وطلبت منهم الريالات الفضية بريالات ورقية لا تجدها عندهم إلا بثمن أكثر، فقد يساوي ريال الفضة عشرة ريالات ورقية، وربما عشرين، فدل على أنها ليست مثلها في القيمة، ولعل السبب النفاسة، فإن الفضة يمكن ادخارها وتنفع في كل الدول، بخلاف الأوراق فإنه لا يمكن ادخارها، وهي أيضاً عرضة للتلف.

وكان بعض مشايخنا الأولين الذين ماتوا قديماً لما خرجت لا يدخرها، ويقول بعبارته: الفأر يخرقها، والماء يغرقها، واللص يسرقها، والنار تحرقها، والريح تفرقها، ومعنى هذا أنها ليست كالريالات الفضية، وذكروا أن بعض التجار ادخر ريالات ورقية كثيرة في زاوية من زوايا بيته، وغفل عنها عدة أشهر، فوجد الأرضة قد أكلتها، فذهبت عليه مئات الألوف، وكذلك كثير من الذين يغفلون عن النقود في مخابئهم، ثم يلقون الثوب في الغسالة، ويخرج وقد اضمحلت تلك النقود التي فيه.

وأيضاً معلوم أن ستة وخمسين في ذلك الوقت -قبل خمسين سنة أو أربعين سنة- كانت لها قيمة، والذي يملك ستة وخمسين ممكن أن يشتري له أرضاً، ويمكن أن تقوته سنة أو نصف سنة، وفي هذه الأزمنة لا يقال لمن عنده ستة وخمسون إنه غني، ولو اشترى بها ثوباً أو عمامة قد لا تكفي، ولذلك فالصحيح أنها ليست مثل الريالات الفضية؛ لوجود الفرق في الثمن، فعلى هذا تقدر قيمتها فنسأل ونقول: كم قيمة الريال الفضي عندكم أيها الصيارفة الآن بالريال الورقي؟ فإذا قالوا: عشرة ضربنا ستة وخمسين في عشرة فتكون خمسمائة وستين، فيكون هذا هو النصاب، فإذا حال عليها الحول فإنه يزكى، فهذا هو القول الأقرب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015