يكره -وقيل: يحرم- تجصيص القبور، والبناء عليها، والمشي والجلوس عليها، والصحيح أن هذا كله محرم، فقد ورد أنه صلى الله عليه وسلم: (نهى أن تجصص القبور، وأن يكتب عليها، وأن يبنى عليها) ، والنهي في الأصل للتحريم، ولعل السبب في ذلك أنه إذا جصص أو بني ورفع كان ذلك سبباً للغلو فيه، فقد يعتقد العامة أنه ذو جاه، وأنه ذو مكانه؛ فيتبركون به ويدعونه فيقع الشرك، هذا هو السبب، وفي حديث علي: (لا تدع صورة إلا طمستها، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته) يعني: سويته بسائر القبور، وأزلت ارتفاعه حتى يكون مثل سائر القبور، والقبر يرفع قدر شبر أو نحو ذلك؛ ليكون ذلك علامة على أنه قبر، فأما البناء عليه ورفعه فإن ذلك داخل في النهي.
وكتابة اسمه عليه على الحجر أو نحو ذلك لا يجوز، وإذا وجد فإنه يمحى.
والمشي على القبور، والوطء عليها تعمداً، والجلوس عليها؛ كل ذلك لا يجوز، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (لأن يجلس أحدكم على جمرة فتخرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير من أن يجلس على قبر) .
ولا يجوز إدخال القبر شيئاً مسته النار، وقد يتساهل بعضهم فيدخل فيه شيئاً من البلك، وهو مما مسته النار، بل يقتصر على اللبن، أو على الحجارة، أو على أعواد أو نحوها.
ويكره بتأكد أن يخوضوا في حديث الدنيا وهم عند القبر، وكذلك الضحك والتبسم؛ لأنهم في حالة يذكرون فيها الموت، ويجهزون فيها أخاً لهم ميتاً، فكونهم يخوضون في الدنيا ويتبسمون ويضحكون يدل على أنهم لم يستعدوا للموت، وأنه ليس للموت فزع عندهم.
ويحرم دفن اثنين أو أكثر في قبر واحد إلا لضرورة، كما حصل في قتلى أحد؛ لما كان بالمسلمين من الجراح، فكانوا يدفنون الاثنين في قبر، وذلك للضرورة، فإذا لم تكن هناك ضرورة فإن كل واحد يفرد في قبر وحده.