الصلاة على الميت تسقط بواحد مكلف، فإذا صلى عليه رجل واحد بالغ عاقل مكلف فإنها تسقط عنهم، وإذا ترك ولم يصل عليه أحد فإنهم يأثمون، وتسن جماعة، ويسن كثرة الجماعة؛ وذلك لأن كل واحد منهم يدعو له، وقد ورد حديث: (ما من مسلم يصلي عليه مائة رجل لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعوا فيه) ، وفي حديث آخر: (ما من مسلم يقوم عليه أربعون رجلاً يسألون الله له المغفرة إلا غفر له) أو نحو ذلك، فكثرتهم أولى، وقد ورد في فضل الصلاة عليه أجر كبير، قال صلى الله عليه وسلم: (من صلى على جنازة فله قيراط، ومن تبعها حتى تدفن فله قيراطان، قيل: وما القيراطان؟ قال: مثل الجبلين العظيمين) يعني: من الأجر، كأنه حصل له هذا الأجر الكبير بصلاته على أخيه المسلم، ولا شك أن في هذا تأكيد الصلاة على الميت، وقد ورد أيضاً أن من حق المسلم على المسلم تشييعه واتباع جنازته إذا مات.
وكانت الصلاة على الأموات في العهد النبوي في البقيع، فإذا أرادوا أن يصلوا عليه حملوه إلى البقيع، ثم صلوا عليه، ثم حملوه إلى قبره، وما كانوا يصلون على الجنائز في المساجد إلا قليلاً، ذكرت عائشة أنه صلى الله عليه وسلم صلى على ابني بيضاء في المسجد، وكذلك أيضاً ذكرت أنه صلي على أبي بكر في المسجد، وكذلك أمرت بالصلاة على عبد الرحمن بن عوف في المسجد؛ فدل على أنه يجوز.
والصلاة في المسجد في هذه الأزمنة أولى؛ وذلك لأن المساجد تجمع جماعات كثيرة، ولو لم يصل عليه إلا الذين يشيعونه لكانوا قليلاً، فلأجل ذلك يتأكد أن ينظر المسجد الذي أهله وجماعته كثير، فيصلى عليه فيه حتى يكون ذلك أقرب إلى شفاعتهم له لكثرتهم.
ولا بأس أيضاً بإعلان الصلاة عليه إذا كان له أحباب يحبون أن يصلوا عليه، فيجوز الإعلان عليه في صحيفة أو في إذاعة أو نحو ذلك، ويحدد وقت الصلاة عليه، وكذلك يجوز إخبار بعضهم بعضاً: إن فلاناً توفي، وسوف يصلى عليه في المسجد الفلاني؛ لأنهم غالباً يودون أن يشتركوا في الصلاة عليه والدعاء له، فلا بأس بالإخبار حتى يكثر المصلون عليه.