يجب على الإنسان -إذا كان عنده شيء- أن يبادر بكتابة الوصية، وليست كتابة الوصية مقربة للأجل أو مبعدة له، فيبادر بكتابة وصيته ولو كان صحيحاً قوياً، وفيها أحاديث.
قال رحمه الله: (فإذا نزل به سُن تعهد بلِّ حلقه بماء أو شراب، وتندية شفتيه) وذلك ليسهل عليه الكلام، ويسهل عليه أن ينطق بالشهادة، ويسهل عليه أن يتكلم بما يريد أن يوصي به.
قال رحمه الله: (وتلقينه لا إله إلا الله مرة، ولا يزاد على ثلاث، إلا أن يتكلم فيعاد تلقينه برفق) ثبت في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: (لقنوا موتاكم لا إله إلا الله) والمراد: المحتضر الذي حضره الأجل، يلقن برفق حتى لا يضجر، ويكررها؛ لأنه عند النزع في حالة شدة، وفي حالة ألم شديد؛ فلا يشدد عليه، وإنما يلقن برفق، فيقال: قل: لا إله إلا الله، أو يذكر عنده كلمة لا إله إلا الله، ولا يكرر عليه أكثر من ثلاث، فإن تكلم بعدها يعاد تلقينه برفق، ولا يكلف الشيء الذي لا يستطيعه.
قوله: (وقراءة الفاتحة ويس عنده) أما سورة يس فقد ورد فيها حديث مذكور في السنن: (اقرءوا على موتاكم يس) ، واستحب بعضهم قراءة الفاتحة، ذكر ذلك في سبل السلام، واستحب بعضهم قراءة سورة {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} [الملك:1] ، واستحب بعضهم قراءة البقرة، ولكن لعل هذه وقائع دون أن يكون فيها نص، وكأنه وقع أن بعض الصحابة أو بعض العلماء قال: اقرءوا عليه سورة البقرة، وآخر قال: اقرءوا الفاتحة، وآخر قال: اقرءوا الملك، ولكن النص ما ورد إلا في سورة يس، ولعل السر في اختيار يس ما فيها من البشارة مثل قوله تعالى: {قِيلَ ادْخُلْ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ} [يس:26] ، ومثل قوله تعالى: {إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ} [يس:55] ، فإن في هذا ما يقوي قلبه.