نواقض الوضوء هي: مبطلاته، وذكر المصنف أنها ثمانية، وفي بعضها خلاف: الناقض الأول: ما خرج من السبيلين، فهو ناقض، سواء كان له جرم، أو ليس له جرم كالريح، فإنه يعتبر ناقضاً، وسواء كان طاهراً أو نجساً، فلو خرج من دبره حجر أو خيط يابس أو دود طاهر، فإنه يعتبر ناقضاً؛ وذلك لأنه خارج من مخرج نجاسة، ولا خلاف في هذا.
الناقض الثاني: النجس الخارج من بقية البدن، الخارج من البدن إما أن يكون طاهراً أو نجساً، فإن كان طاهراً فلا ينقض، مثل: العرق والدموع واللعاب والمخاط، فهذه طاهرة لا ينقض خروجها الوضوء، أما النجس فمثل القيح، والصديد، والدم، والبول، والغائط، وقد يقول قائل: كيف يخرج البول والغائط من غير المخرج؟ فنقول: نعم، فلو انسد دبره ففتح له مخرج مع جنبه أو مع ظهره فإن ما خرج منه يعتبر ناقضاً، إلا إذا كان لا يتحكم فيه، فيعتبر كصاحب السلس، وكذلك لو انسد مخرج البول، ففتح له من المثانة فوق العانة أو نحو ذلك فإنه يعتبر ناقضاً، وسواء كان قليلاً أو كثيراً.
أما الخارج النجس من غيرهما فلا ينقض إلا الكثير، فلا تنقض -مثلاً- قطرة دم أو قطرتان، أو قيح أو صديد أو نحو ذلك، واختلف في القيء -وهو ما يسمى بالتطريش- هل ينقض أو لا؟ والصحيح: أنه ينقض إذا كان كثيراً متغيراً برائحة أو بلون، ولا ينقض إذا كان ليس متغيراً، أو كان قليلاً.
الناقض الثالث: زوال العقل، فالمجنون قد لا يشعر بحالته فلا يدري ما يخرج منه، فربما يخرج منه الريح والبول ونحو ذلك ولا يشعر، فإذا كان متوضئاً ثم جن ولو يسيراً انتقض وضوءه، وكذا الإغماء والغشية من نواقض الوضوء أيضاً؛ لأنه لا يشعر بنفسه، أما النوم فإذا كان يسيراً من قاعد أو قائم فلا ينقض، وأما إذا كان مضطجعاً فإنه ينقض ولو كان يسيراً؛ لأنه قد يستغرق، وحد القليل أو اليسير هو ما يبقى معه شعور بنفسه؛ وذلك لأنه إذا استغرق وهو قاعد سقط على جنبه.
الناقض الرابع: تغسيل الميت، وقد ورد فيه أحاديث، وفيها شيء من الخلاف، فورد ما يدل على أن من غسله أنه يغتسل: (من غسل ميتاً فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ) ولكن لعل الأقرب أنه يكفيه الوضوء، وذهب بعضهم إلى أنه لا حاجة إلى الوضوء إذا كان متوضئاً إلا إذا مس عورته أو نحو ذلك.
الناقض الخامس: أكل لحم الإبل، وفيه أيضاً خلاف مع الشافعية، والقول الصحيح: أنه ناقض، والشافعية يرون أنه غير ناقض لأحاديث ترك الوضوء مما مست النار، مع أن الأحاديث الصحيحة تدل على أنه ناقض للوضوء.
واختلف هل كل جميع أجزائها تنقض أو يختص باللحم؟ أكثر الفقهاء على أنه يختص باللحم الأحمر، والقول الثاني -ولعله الأرجح-: أنه ينقض جميع أجزائها، فإذا أكل من الكبد أو من الكرش أو من القلب أو من اللسان فكل ذلك يلحق باللحم.
الناقض السادس: الردة؛ لأن الردة عن الإسلام تبطل الأعمال، كما قال تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام:88] والوضوء عمل شرعي، فإذا ارتد بطلت أعماله، ومنها الوضوء.
الناقض السابع: ما أوجب غسلاً، فكل ما أوجب غسلاً أوجب وضوءاً، ومن موجبات الغسل إذا انتقل المني من الصلب ولم يخرج فإنه يغتسل.
الناقض الثامن: مس فرج آدمي متصل أو حلقه دبره بيده، وهذا أيضاً فيه خلاف، وكذلك الخلاف في قوله: (منفصل) فهل ينقض المنفصل كالذكر المقطوع أم لا؟ والصحيح أنه خاص بالمتصل، والخلاف فيه طويل، وكذلك النقض بمس الدبر فيه خلاف، ولعل الأقرب أنه لا ينقض مس الذكر إلا إذا كان يثير الشهوة.