قال: (ولا يقبل رجوع المقر إلا في حد لله) ، فمن أقر إقراراً كاملاً بشيء عليه، سواء أقر بدين أو أقر بعتق أو أقر أنه تصدق بكذا أو أقر بأنه وقف كذا وكذا، ثم قال: رجعت، ندمت، تراجعت، لا أريد وقف الدار، أو لا أريد الهبة، ولا أريد البيع، فهل يقبل رجوعه؟ لا يقبل؛ لأنه قد تعلق به حق آدمي، أما إذا كان حقاً لله فإنه يقبل.
وحق الله تعالى مثل: حد الزنا، فإذا قال: إني قد زنيت، ثم قال: رجعت عن إقراري، وكذلك حد السرقة، وحد شرب الخمر.
حد السرقة فيه حق للآدمي الذي سُرق، فإذا رده وقال: إني ما سرقته ولكنه أعطانيه، أو سرقه غيري، أو وجدته ملقى في الطريق؛ فتراجع عن السرقة، فيسقط عنه القطع، لكن يلزمه رد المال.
أما حد الشرب فحق لله تعالى، فإذا اعترف وقال: إني شربت وسكرت، ثم تراجع وقال: ما سكرت؛ قُبِل رجوعه؛ لأنه حق لله تعالى.
وحد القذف حق لآدمي، فإذا اعترف وقال: إني أعترف بأني رميت فلاناً بأنه زانٍ أو رميت فلانة بأنها زانية، ثم تراجع بعد ذلك، فهذا حق آدمي، فإذا قال المقذوف: أنا لا أتسامح، فإنه قد قذفني، واعترف بهذا عند القاضي، واعترف بهذا عند الشهود، والآن تراجع وينكر، وأنا لا أسامحه، بل أطالب بحقي في هذا، فإنه يجلد حد القذف.