ماذا يشترط في البينة؟ يشترط في الشهود أن يكونوا عدولاً في الظاهر يعني: معروفين أنهم يصلون ويصومون، وأنهم من أهل الصدق، ومن أهل الورع، وليسوا فسقة ولا كفرة ولا غير ذلك.
(وفي غير عقد النكاح باطناً أيضاًَ) : عقد النكاح يكفي فيه شاهدان عدلان عدالة ظاهرة، وليس للمأذون أن يفتش ويقول: أخبروني بباطن أمرهم، فقد يكونون غير صادقين ولا صالحين، نقول: يحكم بالظاهر أنهما عدلان؛ لأن في الحديث: (لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل) ، وفي رواية: (لا نكاح إلا بولي مرشد وشاهدي عدل) ، فشهود عقد النكاح يكفي فيهم العدالة الظاهرة.
وأما شهود القضايا التي عند القاضي فلا بد أن يكونوا عدولاً ظاهراً وباطناً، وإذا جهلهم القاضي طلب من يزكيهم فيقول: يا فلان! هل تعرف هذا الشاهد؟ يقول: نعم أعرفه، وأزكيه فهو عدل.
ويشترط في المزكي معرفة الجرح والتعديل، فإذا قال المدعى عليه: هؤلاء مطعون فيهم.
فيقال: أحضر من يطعن فيهم، فإذا حضر الشهود وقالوا: نعم هذا نعرف أنه قد شهد زوراً، وهذا نعرف أنه لا يصلي مع الجماعة، وهذا نعرف أنه قد أطلق لسانه بالقذف والسب ونحو ذلك، فهؤلاء جرحوا فلا تقبل شهادتهم.
وإذا قال القاضي لصاحب البينة: ائتنا بمن يعدلهم، فالمعدل يقول: نعم أعرف هذا الشاهد أنه عدل يصلي ويصوم، ولا يتعامل بالربا، ولا يشهد زوراً، ولا يكذب في كلامه وما أشبه ذلك، هكذا يكون المزكي، ولا بد أن الحاكم يعرف خبرته الباطنة، وإذا كان القاضي يعرفهما باطناً وظاهراً حكم بمعرفته، ولا حاجة إلى طلب المزكي، إذا قال: يا قاضي هؤلاء شهودي فلان وفلان هل تعرفهم؟ يقول القاضي: نعم أعرفهم، هل تعرفهم باطناً وظاهراً؟ فإذا قال: نعم أعرف باطنهم وظاهرهم، فإنه يحكم بهم، ولا حاجة إلى مزكين.