يقول: [ولا تقبل ظاهراً -يعني: التوبة- ممن سب الله أو رسوله] ؛ لأن السب هذا فيه دليل على أنها عقيدة في قلبه، فحينئذ لا تقبل توبته ولو قال: إني أتوب، وذلك لأن هذا دليل على أن قلبه مطمئن بالكفر؛ لأنه هكذا شأنه، كالمنافقين الذين قال الله تعالى عنهم: {يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} [الفتح:11] .
ذكر أن يهودياً في الشام في حدود سنة عشرين وسبعمائة أخذ يسب النبي صلى الله عليه وسلم ويقول: إنه كذاب، وإنه مفترٍ، وإنه وإنه فلما ظهر من أمره هذا السب المعلن غضب عليه العلماء، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية، وكتب كتابه المشهور: (الصارم المسلول على شاتم الرسول) وأورد فيه الأدلة فأطال وبسط فيه الكلام، وخلاصة كلامه أنه لا تقبل توبة مثل هذا ولو ادعى توبة، وإن كان من المعاهدين، ومن أهل الجزية الذميين فإنه ينتقض بذلك عهده، وإنه لتظاهره بهذا السب يجب قتله، وأورد أدلة كثيرة في أول الكتاب، فذكر قصة رجل كان عنده جارية مملوكة، ولكنها كانت كافرة، وكان قد تسراها فولدت له ولدين، فكانت تسب النبي صلى الله عليه وسلم، فعند ذلك قتلها، فلما قتلها ذكر ذلك لـ عمر بن الخطاب فمدحه على قتلها لأنها تسب النبي صلى الله عليه وسلم، وغير ذلك كثير.