كذلك يقول: [وحرم عصير ونحوه إذا غلى أو أتى عليه ثلاثة أيام] .
العصير هو عصير العنب، أو -كذلك- عصير التمر ويسمى النبيذ، فيطرح التمر في الماء إلى أن يكتسب حلاوة، أو يحرك في الماء إلى أن يكسبه حلاوة، وكذلك أيضاً الزبيب إذا خمر في الماء إلى أن يذوب، فإذا غلى ورمى بالزبد فإنه يقرب من الإسكار، وكذلك إذا أتى عليه ثلاثة أيام، ذكرت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينبذ له في سقاء، يطرح في ذلك السقاء تمر ويصب عليه ماء، فيشرب منه ثلاثة أيام أو يومين ونصف، وإذا بقي بعد ذلك شيء منه أمر أن يشرب أو يراق، يخشى أنه ينعقد ويبلغ حد الإسكار، ففيه دليل على إباحة النبيذ، وكان قد نهى بعضهم عن الانتباذ في بعض الأسقية، ثم رخص لهم أن ينتبذوا فيما شاءوا، ولا يشربوا مسكراً، ففي الحديث: (نهى عن النبيذ في الحنتم والمزفت والنقير والدباء) ، والدباء هو نوع من القرع رأسه دقيق، إذا يبس فإنهم يأخذون جرمه فيجعلون فيه دهناً يحفظون فيه الدهن أو العصير، وحيث إن رأسه دقيق يسرع إليه التغير، فنهى عن النبيذ فيه، وكذلك الحنتم، ويسمى (الزير) الذي يصنع من الطين ونحوه أو الجرار، وكذلك الذي هو مبني بقار أو زفت يسرع إليه التغير، ولكن إذا تحقق أنه لا يتغير جاز الانتباذ فيه.