ولما عرفوا آثارها السيئة نزل تحريمها بعد ذلك بالآيات التي في سورة المائدة، وأخذوا تحريمها من الآيات من عشرة أوجه: الوجه الأول: أن الله قرنها بالأصنام فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ} [المائدة:90] التي هي الأصنام.
الوجه الثاني: قوله تعالى: (رِجْسٌ) ، والرجس هو النجس.
الوجه الثالث: قوله تعالى: (مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ) ، والشيطان لا يدعو إلا إلى الحرام وإلى الآثام.
الوجه الرابع: قوله تعالى: (فَاجْتَنِبُوهُ) والاجتناب هو الابتعاد، فهو أبلغ من قول: اتركوه.
الوجه الخامس: قوله تعالى: (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) أي: يتوقف فلاحكم على تركها.
الوجه السادس قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ} [المائدة:91] ، فالعداوة بينكم يوقعها الشيطان بسبب هذا الخمر.
الوجه السابع قوله تعالى: {الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} [المائدة:91] .
الوجه الثامن قوله تعالى: {وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [المائدة:91] أي: إن مجالسها مجالس باطل تصد عن ذكر الله.
الوجه التاسع: قوله تعالى: {وَعَنْ الصَّلاةِ} [المائدة:91] أي أنها تشغل عن الصلاة.
الوجه العاشر قوله تعالى: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ} [المائدة:91] فقالوا: انتهينا انتهينا.
فحرمت الخمر بهذه الآية، ووردت الأدلة في عقوبة شاربها، وأن من شربها في الدنيا لم يشربها في الآخرة، مع أن خمر الآخرة ليست مثل خمر الدنيا؛ لقول الله تعالى: {لا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ} [الصافات:47] ، وقوله: {وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ * لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنزِفُونَ} [الواقعة:18-19] مما يدل على أنها منزهة عما يكون في خمر الدنيا.
كذلك ورد في الحديث أن الذي يشربها ويموت وهو يشربها يسقيه الله من طينة الخبال، وهي عصارة أهل النار.