متى يسجد للسهو؟ يقول المؤلف: (محله قبل السلام ندباً) أي: الأفضل أن يكون قبل السلام؛ لأنه جزء من الصلاة، ومتمم لها، ولأنه يحصل به الخروج من الصلاة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم) فلذلك يسجد للسهو قبل أن يسلم.
وذكر العلماء أنه يجوز فيه الحالتان: أن يكون السجود كله قبل السلام أو يكون السجود كله بعد السلام، وأكثره قبل السلام، والمشهور عند الإمام أحمد أنه كله قبل السلام إلا في ثلاث حالات ذكرها صاحب عمدة الفقه: الأولى: إذا سلم عن نقص.
الثانية: إذا بنى الإمام على غالب ظنه.
الثالثة: إذا ذكره بعد السلام.
واعتمد في ذلك على الأدلة، وهنا ما ذكر إلا واحدة، منها وهي: إذا سلم عن نقص ركعة فأكثر فبعد السلام ندباً لا وجوباً، يقول: فلو صلى الظهر ثلاثاً ثم سلم، ثم ذكر، فإنه إذا أتى بالركعة الرابعة سلم ثم سجد ثم سلم ندباً، فإن جعل السجود بعد السلام جاز، وإن جعله قبل السلام جاز، والأفضل أن يجعله بعد السلام.
وكذلك إذا بنى الإمام على غالب ظنه، فمثلاً: كان في آخر صلاته وشك هل صلى أربعاً أو ثلاثاً، وغلب على ظنه أنها أربع فإنه يسلم، ثم يسجد للسهو ثم يسلم، وأما بقية الحالات فإنه يسجد لها كلها قبل السلام؛ لأن السجود جزء من الصلاة، والذين قالوا: إنه إذا كان السجود لزيادة فبعد السلام، ليس عندهم دليل، فهم يقولون: إذا زاد في الصلاة ركعة أو زاد فيها جلوساً أو زاد قياماً أو زاد فيها قراءة يكون السجود بعد السلام، لكن لم يوجد دليل يعتمدونه، فالصحيح أن الأدلة تدل على أن السجود بعد السلام في حالتين كما في حديث ذي اليدين وحديث أبي سعيد.
من سلم قبل إتمام الصلاة عمدا ًبطلت صلاته؛ لأنه متلاعب، وإذا سلم قبل إتمامها سهواً ثم ذكر قريباً أتمها وسجد يعني: سلم بعد ثلاث ركعات وانصرف، ثم تذكر فعاد وأتم الركعة التي بقيت، فيتمها ويسجد للسهو، ويكون السجود بعد السلام.
وأما إذا طالت المدة أو أحدث أو قهقه فإنها تبطل، والقهقهة: هي المبالغة في الضحك.
إذا لم يتذكر أنه صلى الظهر ثلاث ركعات إلا بعد نصف ساعة أو بعد ساعة فإنه يعيد الصلاة كلها، وكذلك إذا لم يتذكر إلا بعد السلام بدقيقة أو نصف دقيقة وقد أحدث أو ضحك ضحكاً مبالغاً فيه، سواء الإمام أو أحد المأمومين، ففي هذه الحال تبطل الصلاة، لأن القهقهة والحدث في صلب الصلاة يبطلها.