وكذلك تعزير قذف، فالعبد إذا قُذف فالذي قذفه عليه التعزير، وليس عليه الحد، بخلاف الحر، فإنه إذا قُذف فإن على من قذفه الحد ثمانين جلدة؛ لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور:4] ، فهذا يقول: إنه قذفني ورماني بأني زنيت، وهو كاذب، فأريد إقامة الحد عليه نقول: ليس لك حد ولكن لك التعزير، فطالب بأن يعزر، فيجلد عشرين جلدة أو خمسين، أو يحبس، أو ما أشبه ذلك، فالحق للعبد في مطالبته أو في إسقاطه، فلو أسقطه وقال سيده: لا أرضى، أريد مالاً فليس له إلزام العبد، ولو قال: أنت -يا عبدي- قطع هذا إصبعك، وهذا القطع نقص في قيمتك ونقص في عملك، فلا تتسامح عن هذا الذي قطع إصبعك هل يلزمه سيده أن لا يسمح؟ لا يلزم، فلو قال العبد: أنا سمحت عن إصبعي، أو عن يدي، أو عن عيني، أو عن أسناني لا يلزمه سيده بأخذ عوض، حتى ولو نقصت قيمته، لكن لو مات العبد قبل أن يسقط وقبل أن يطالب وقبل أن يأخذ أرشاً وقبل أن يقتص فالسيد يقوم مقامه، فيأتي إلى ذلك الجاني ويقول: أنت قطعت يد عبدي ونقصت قيمته قدر النصف.
أو: جدعت أنفه، والأنف فيه الدية كاملة، فأعطني الدية.
أو: عفوت عنك عن بعضها.
فإذا مات فإن المطالبة تكون للسيد.