أما الخطأ فهو أن يفعل ما له فعله، كأن يرمي صيداً ونحوه فيصيب آدمياً، ويدخل فيه التسبب، فإذا حفر حفرة في الطريق وسقط فيها إنسان ومات فإنه متسبب، فالحافر إذا لم يجعل عليها حاجزاً يمنع أن يسقط فيها فجاء إنسان غافل أو ضرير فسقط فيها، وكذلك لو ضيق الطريق بحجارة أخذت جزءاً من الطريق فجاء إنسان فاصطدم به، سواءٌ أكان يمشي أم يقود سيارة ولم يعلم هذا المكان، ولم يعلم بهذه الحجارة اعتبر الواضع متسبباً، فيكون قتل خطأ، وهكذا لو ربط دابة بطريق، أو أوقف سيارة بطريق ضيق فجاء من اصطدم فيها، وكذلك لو أخذ جزءاً من الطريق، كالذين يجعلون عتبات مدخلهم في الطريق تأخذ من الطريق متراً مثلاً أو نحوه، من اصطدم فيها اعتبر أهل ذلك المكان متسببين، فيكون ذلك قتل خطأ.
وهكذا لو أن إنساناً وضع سماً لكلب أو لسبع فأكله إنسان لم يعلم به، فهذا الذي وضعه يعتبر متسبباً؛ لأن عليه أن يحفظه، ولا يدعه في متناول أحد من الناس صغيراً أو كبيراً.
وهكذا أيضاً خطأ الأطباء، فالطبيب الذي ليس حاذقاً في الطب إذا أجرى عملية ومات ذلك الذي أجرى له اعتبر متسبباً فعليه الدية، وهكذا الذي يعطي دواءً وهو ليس من أهل المعرفة، أعطى إنساناً دواء، وكان ذلك الدواء لا يناسبه، فأكله فتضرر ومات بسببه، اعتبر أيضاً متسبباً، وورد في بعض الأحاديث: (من تطبب ولا يعلم منه طب فهو ضامن) ، وذلك لأنه تجرأ والناس أحسنوا به الظن، وجلس للناس وقال: أنا أعالج.
فجاؤوا إليه وقالوا: نحن بنا مرض كذا وكذا.
فإذا أعطاه دواء وهو ليس مناسباً له فهو ليس من أهل المعرفة، فصدق عليه أنه متسبب في الموت، وأمثلة الخطأ كثيرة تقاس على مثل هذا.
ومن الخطأ أيضاً عمد الصبي أو المجنون، الصبي الذي دون التمييز لو أخذ سكيناً وجاء إلى إنسان نائم وطعنه فلا قصاص عليه، ولكن الدية على العاقلة الأقارب، وذلك لأنه لم يكن متسبباً عن عقل، وكذلك أيضاً لو قاد سيارة واصطدم بإنسان اعتبر أيضاً خطأ، والدية على عاقلته، ونعرف أيضاً أن أخطاء السيارات كلها تعتبر من الخطأ، فالذي يقود سيارته ثم يصطدم بإنسان أو يصطدم بسيارة أخرى، أو يحدث منه انقلاب فكل هذا من الخطأ لا من العمد.
والمجنون الذي ليس معه عاقل يحبسه ويمنعه عن الاعتداء، فهذا المجنون لو أنه قتل إنساناً فلا قصاص عليه؛ لأنه ليس معه عاقل، ومعلوم أن أولياءه عليهم أن يحفظوه ويأخذوا على يده ويمنعوه من الاعتداء حتى لا يتعدى على مسلم؛ لأنه ليس معه معرفة بآثار هذه الأمور وعواقبها.