كون القتل ظلماً ذنباً كبيراً اختلف في توبة القاتل: فروي عن ابن عباس أنه قال: ليس له توبة؛ لأن الله تعالى قال: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} [النساء:93] ، وعيد شديد لمن يقتل مؤمناً متعمداً، ولا يدخل النسخ في هذا؛ لأنه من الأخبار، والنسخ إنما يدخل في الأوامر لا في الأخبار، فلذلك قال: إنه لا توبة له، ولابد أن يعذب ويخلد في النار تحقيقاً لهذه الآية.
القول الثاني: له توبة، والدليل أنه ذكر الله تعالى كبائر الذنوب في قوله في سورة الفرقان: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} [الفرقان:68-70] ، فأخبر بأنه يقبل توبتهم، وإذاكان الله تعالى يقبل توبة المشرك فالقاتل من باب الأولى؛ لأن القتل دون الشرك، فهذا دليل من يقول: إنها تقبل توبته.