ماذا يشترط؟ يشترط في الحاضن للأنثى: أن يكون محرماً لها، مثاله: إذا كان قد تزوج أمها، وماتت أمها، فإنه يكون أولى؛ لأنه محرم لها؛ لأنها ربيبته، فيكون له محرمية.
كذلك يشترط أن يكون الذي يتولى الحضانة.
كذلك يشترط: أن يكون حسن التربية، بعيداً عن الإفساد وأماكن الفساد، فإذا كان مثلاً مهملاً فلا حق له في التربية، وإذا كانت الأم أو الحاضنة من غيرها عاصية فلا حق لها في التربية، وكذلك إذا كان بيتها مليئاً بالملاهي، أو مليئاً بآلات الأغاني والصور الخليعة، والأفلام الفاتنة وما أشبهها، بحيث إن الطفل ذكراً أو أنثى إذا نشأ وتربى في هذا البيت فسد خلقه ودينه عاجلاً أو آجلاً، فليس له حق في هذه الحضانة؛ لأنها قد تكون سبباً لانحرافه وفساد أخلاقه، فلا يمكن من الحضانة إلا إذا عرف أنه صالح ومصلح.
وكذلك إذا كانت الأم متزوجة بأجنبي سقطت حضانتها.
روي أن رجلاً طلق امرأة ولها ابن، فترافعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (أنت أحق به ما لم تنكحي) يعني: ما لم تتزوجي، فما دمتِ لم تتزوجي فأنت أحق بولدك، وهذا إذا لم تتزوج بقريب، أما إذا تزوجت بقريب له كعمه -عم الطفل أخو أبيه- أو كذلك ابن عمه، أو ابن خاله أو نحوهم، فإن هذا القريب قد يوافق ويقول: أريد أن آخذ أجره حتى يبقى تحت كفالة أمه، وأنا الذي أنفق عليه؛ لكونه يتيماً فأحظى بكفالة اليتيم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين) فإذا كان زوج الأم موافقاً على كفالته وحضانته فإنه يبقى.
كثير من النساء في هذه الأزمنة إذا طلقت وعندها ولد أو عندها أولاد صغار تترك الزواج، وتقول: أخشى أن يؤخذ أولادي، فأبوهم قد يهددها، ويقول: إذا تزوجتِ أخذتهم، فإنه يسقط حقك؛ فتترك الزواج، مع أنها قد تكون بحاجة إلى من يتزوجها وينفق عليها ويحضنها، فتترك الزواج وتبقى مدة تقول: أجلس على أولادي حتى أربيهم.
نحن نقول: إن الأب لا يجوز له أن يضارها، قال الله تعالى: {لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ} [البقرة:233] فلا يجوز أن يهددها، ويقول: إذا تزوجتِ أخذت ولدي أو أولادي.
معلوم شفقتها ورقة قلبها ومحبتها لأولادها، سيما إذا كانوا أطفالاً، فهي تتمنى أن يبقوا معها ولو أن تستدين، ولو أن تتكفف، ولو أن تطلب من الناس أن يتصدقوا ويعطوها ما تنفقه على أولادها، تصبر وتتحمل المئونة والمشقة حتى يبقى معها أولادها.
نقول: حرام على الوالد أن يفرق بينهما، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته) .
فيتركها تتزوج، ويأذن لها ويقول: لا حرج عليكِ، تزوجي، وأنا أترك أولادك.
فإذا تقدم إليها من يطلب زواجها شرطت عليه: أن أولادها يبقون معها، إما أن ينفق عليهم الزوج الجديد محتسباً، وإما أن ينفق عليهم أبوهم، بأن يرسل إليهم نفقتهم وهي عند ذلك الزوج الجديد، إلى أن تنتهي مدة الحضانة.
فنقول: تتزوج ويأتيها رزقها، وإذا تقدم إليها من يطلب زواجها تتزوج، وأولادها لا يضيعون إن شاء الله، وأبوهم حرام عليه أن يهددها عند زواجها بأخذ أولادها، بل يتركهم تحتها حتى تتم مدة الحضانة.
يقول: ثم بعد ذلك تنتقل إلى ذوي الأرحام، إذا لم يكن هناك عصبة، أو تبرءوا وامتنعوا من الحضانة فيحضن الخال، وكذلك ابن الخال ونحوهم، ثم بعد ذلك الحاكم، ومعلوم أنه ليس هو الحاكم الذي يتولى الحضانة، ولكن يستأجر لهذا الطفل، ويدفع الأجرة من بيت المال، وهناك في هذه الدولة وفي كثير من الدول أماكن حضانة لمن ليس له والد أو نحوه، يتولاها أناس يشفقون على هؤلاء الأطفال الذين ليس لهم أولياء.