يقول: (ولمتوسطةٍ مع متوسطٍ، وموسرةٍ مع فقيرٍ وعكسها) أي: فقيرة مع موسر (ما بين ذلك) .
يمكن أن تنحصر الحالات في تسع؛ الأولى: موسرة تحت موسر، الثانية: موسرة تحت متوسط، الثالثة: موسرة تحت فقير، الرابعة: فقيرة تحت موسر، الخامسة: فقيرة تحت متوسط، السادسة: فقيرة تحت فقير، السابعة: متوسطة تحت موسر، الثامنة: متوسطة تحت متوسط، التاسعة: متوسطة تحت فقير.
فتكون الحالات ثلاث: الموسرة تحت الموسر من أرفع الأطعمة، والفقيرة تحت الفقير من أدناها، والبقية من الوسط.
لكن الفقيرة تحت الموسر يندب له أن يكون مثل الموسرين، وأن يتوسع كما يتوسعون؛ وذلك لأنه يجد ويقدر على أن يوسع؛ لأنه ذو مال؛ فيوسع وسعته على أولاده، ولو كانت الزوجة نشأت في بيت فقر وفي فاقة، قد يقول: كيف أوسع عليها؟ أنقلها من عيشة ضيقة إلى عيشة رفيعة؟! نقول: إنك قد ضممتها إليك وأنت ذو مال، ولا ينقصك ولا يضرك أن تتوسع في هذه النفقة، فعليك أن تنفق نفقة الموسرين على زوجتك وعلى نفسك وأولادك.
وأما الموسرة تحت الفقير، فهي تقول: أريد أن أتوسع، أنا نشأت في سعة، وأهلي عندهم سعة وفضل وأموال، تغذينا على أحسن الأغذية وأرفعها، فكيف أنتقل من حالة السعة إلى حالة الضيق؟
صلى الله عليه وسلم إنك رضيتِ بهذا الزوج الفقير، ونفقته على قدر حالته، فلا يكلف نفقة الأغنياء ولا نفقة المتوسطين؛ لأن ذلك يعجزه؛ والله تعالى يقول: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} [الطلاق:7] ، ويقول تعالى: {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} [البقرة:236] ، فإذا رضيت المرأة التي نشأت في بيت سعة أن تختار هذا الفقير؛ لكونه ابن عم أو ابن خال، أو -مثلاً- أخو زوج أختها؛ أو بينهما قرابة، ورضيت وقالت: أرضى به ولو كان فقيراً.
فهل تكلفه نفقة الأغنياء؟ لا تكلفه؛ لأن النفقة معتبرة بحالة الزوج.
لكن الفقهاء كأنهم يقولون: إنه يصعب على المرأة الغنية أن تصبر على نفقة الفقراء، فلذلك قالوا: المتوسطة مع المتوسط، والموسرة مع فقير، والفقيرة مع موسر عليهم نفقة المتوسطين.
وبكل حال فالراجح اعتبار النفقة بحالة الزوج، سواء كان معسراً أو موسراً.